هل يزيد قوة محرك السيارة لمن يطلب منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي كراج، ويأتيني أشخاص حتى أزود لهم، فما الحكم في تزويد السيارات، يعني زيادة سرعة السيارات من ١٠٠ إلى ٣٠٠ كيلومتر في الساعة. وأيضا للعلم فإن هؤلاء المزودين سيصرفون أموال تقدر بـ ٥٠ ألف فما فوق، وذلك نتيجة لشراء معدات التزويد. علما بأنه يستفاد في هذا التزويد للمسابقات الرياضية، وفي الرحلات البرية عند الذهاب إلى الصيد في الصحراء، والبعض الآخر للزينة، أو بمعنى آخر للشهرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المراكب البرية والبحرية والجوية مِن نعم الله تعالى علينا في هذه الأزمان، وحق النعمة شكرها واستعمالها في طاعة الله تعالى، ومراقبة الله في جميع شأنها، وليس بتبذيرها والإسراف فيها من غير حاجة ولا ضرورة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ) . رواه البخاري (١٤٧٧) ومسلم (٥٩٣) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
وقال – الباجي المالكي -: ويكره كثرة إنفاقه في مصالح الدنيا، ولا بأس به إذا وقع نادراً لحادث يحدث: كضيف، أو عيد، أو وليمة.
ومما لا خلاف في كراهته: مجاوزة الحد في الإنفاق على البناء، زيادة على قدر الحاجة، ولا سيما إن أضاف إلى ذلك المبالغة في الزخرفة.
" فتح الباري " (١٠ / ٤٠٨) .
يقول الشيخ عبد الله الطريقي:
وأما المركب - وهو ما يركب عليه في البر، والبحر، والجو - فإنه مِن أَجَلِّ نِعَم الله على الناس....
وعلى رغم غلاء أسعار كثير منها [يعني: من أنواع المراكب] إلا أن ذلك لم يقف حائلا دون التباهي والمفاخرة من لدن كثير من الأفراد الشباب والمؤسسات المختلفة في وسيلة السيارات بوجه خاص.
وتبرز صور الإسراف هنا في:
١. اختيار النوع الفاره والفاخر من السيارات، مما لا يطيقه المستهلك، بل قد لا يطيق معشاره.
٢. الاستكثار من السيارات مما لا يدعو إليه حاجة.
٣. تجديد الوسيلة - السيارة - في كل سنة أو سنتين مع كونها جديدة قوية، دون سبب معقول، اللهم إلا الركض وراء كل جديد والتفاخر به أمام الأقران.
٤. عدم العناية بها وإهمال صيانتها، بحيث يسرع إليها الخراب، ولا سيما إذا كانت السيارة ليست ملكا له، بل تابعة لمؤسسة خاصة أو حكومية، وهذا فوق كونه إسرافاً فإنه خيانة للأمانة التي عهدت إليه، وهي قيادة السيارة أو صيانتها.
٥. التكلف في مظهر السيارة، مما يدخل تحت اسم " زينة السيارات "، حتى لقد يوازي ذلك قيمة السيارة ذاتها.
٦. عدم استعمالها على الوجه الصحيح، بل بطرق عشوائية جنونية لا تلتزم بقواعد السير وأنظمته.
ومن ذلك ما يعرف بـ " التفحيط "، الذي أصبح ظاهرة عند كثير من الشباب الذي يملك السيارة من قبَل الغير، ولم يدفع في شرائها شيئا يحسب له حسابه.
ومن هنا، وفي ضوء تلك المظاهر المؤلمة، أصبحت هذه الوسيلة - السيارة - مصدر خطر على الأفراد والجماعات، حيث كثرت الحوادث المرورية داخل المدن وخارجها، وأنتجت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات " انتهى.
" مشكلة السرف في المجتمع المسلم " (٨٦ – ٨٩) .
وزيادة قوة محرك السيارة من صور الإسراف الجديدة المستحدثة، حيث لا حاجة تدعو إليها، لا المسابقات التي لا تعود بالنفع على المشاركين في شيء، سوى خسارة المال، وتعريض الصحة للهلاك والعطب، ولا القنص والصيد الذي تكفي له السيارات الموجودة اليوم، ولا المباهاة والمفاخرة والشهرة التي يزينها الشيطان في عيون كثير من الناس.
لذلك نرى تردد حكم هذا العمل بين الكراهة والتحريم، سواء من أصحاب السيارات، أو أصحاب المحلات التي تقوم عليها، وندعو جميع المسؤولين إلى إعادة النظر في القوانين التي تنظم هذه الأمور، كي تأخذ بها نحو بر السلامة والعافية.
ويترجح جانب التحريم والمنع من ذلك، كلما كانت العلة في زيادة السرعة أبعد من حاجة الناس، فالمباهاة والتفاخر في نفسه محرم ممنوع، فكيف إذا استعان على ذلك بعمل تتعدى مفسدته ومضرته إلى الآخرين.
والنظر في تصميم السيارة، ومدى قابليتها لتحمل تلك الزيادة من عدمه، هو أيضا من الأمور المهمة في ذلك، فليس كل أنواع السيارات مصممة لتحمل مثل ذلك، مما يزيد من الخطر المترتب على تلك الزيادة، وارتفاع احتمالات حدوث الضرر بالنفس والآخرين من جرائها.
قال ابن العربي المالكي – رحمه الله -:
الإسراف: تعدِّي الحد، فنهاهم عن تعدي الحلال إلى الحرام، وقيل: ألا يزيدوا على قدر الحاجة.
وقد اختلف فيه على قولين: فقيل هو حرام، وقيل: هو مكروه، وهو الأصح.
" أحكام القرآن " (٢ / ٣١٠) باختصار.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة " (٢١ / ١٥٠) :
" الإنفاق من المال إذا زاد عن مقدار الحاجة فقد يكون محرما، وقد يكون مكروها.
انتهى باختصار.
وانظر جواب السؤال رقم (٨٥٣٤٥) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب