للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يقول المأموم (سمع الله لمن حمده) عند رفعه من الركوع؟

[السُّؤَالُ]

ـ[قرأت في إحدى الملصقات أن على الإمام والمأموم عند الانتهاء من الركوع أن يقولوا: (سمع الله لمن حمده) ثم بعد ذلك يقول المأمومون: (اللهم ربنا لك الحمد) ، وهذا بخلاف ما نشأنا عليه، أن الإمام فقط هو الذي يقول: (سمع الله لمن حمده) فيرد المأمومون عند الرفع من الركوع: (اللهم ربنا لك الحمد) . فأفتونا مأجورين.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

التسميع (وهو قول " سمع الله لمن حمده ") عند الرفع من الركوع والتحميد عند الاستواء قائما (وهو قول " ربنا لك الحمد ") سنة مستحبة عند جمهور أهل العلم، وذهب الحنابلة إلى وجوبها، والصحيح القول بالوجوب.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (٣/٤٣٣) :

والدليل على ذلك (يعني: الوجوب) ما يلي:

أولا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك، فلم يدع قول (سمع الله لمن حمده) في حال من الأحوال.

ثانيا: أنه شعار الانتقال من الركوع إلى القيام.

ثالثا: قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) " انتهى.

وقد سبق ذكر التسميع والتحميد في واجبات الصلاة في سؤال رقم (٦٥٨٤٧) .

ثانيا:

اتفق الفقهاء على أن المنفرد يجمع بين التسميع والتحميد، فيقول: (سمع الله لمن حمده) حين يرفع من الركوع، فإذا استوى قائما قال: (ربنا ولك الحمد) .

وقد نقل الاتفاق: الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/٢٤٠) ، وابن عبد البر في "الاستذكار" (٢/١٧٨) .

وإن كان في "المغني" (١/٥٤٨) ما يفيد أن هناك خلافاً في المسألة.

ولكنهم اختلفوا في الإمام والمأموم ما الذي يشرع لكل منهما:

أما الإمام:

فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يُسَمِّعُ فقط، ولا يسن له أن يقول: ربنا لك الحمد.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الإمام يُسَمِّعُ ويَحمّد.

والراجح هو القول الثاني؛ لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللهًُ لِمَنْ حَمِدَه قَالَ: الَّلهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ) .

رواه البخاري (٧٩٥) ومسلم (٣٩٢) .

وقد بيَّن الحافظ ابن حجر أن استحباب تحميد الإمام مستفاد من هذا الحديث ومن غيره.

انظر: "فتح الباري" (٢/٣٦٧) .

وأما المأموم:

فقد قال جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة بأن المأموم يقتصر على التحميد فقط، ولا يقول (سمع الله لمن حمده) .

وخالفهم الشافعية والظاهرية، فقالوا باستحباب التسميع والتحميد في حق المأموم، وهو اختيار الألباني في "صفة الصلاة" (١٣٥) وللتوسع في أدلتهم انظر رسالة السيوطي في "الحاوي للفتاوي" (١/٣٥) .

والراجح – والله أعلم - هو قول الجمهور.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "لقاء الباب المفتوح" (١/٣٢٠) :

" المؤتم إذا قال إمامه سمع الله لمن حمده لا يقول سمع الله لمن حمده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جُعل الإمام لِيُؤتَمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد) .

فقال (إذا كبر فكبروا) (وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد) ، ففرَّقَ النبي صلى الله عليه وسلم بين التكبير وبين التسميع، التكبير نقول كما يقول، والتسميع لا نقول كما يقول، لأن قوله (إذا قال: سمع الله لمن حمده قولوا ربنا ولك الحمد) بمنزلة قوله: إذا قال سمع الله لمن حمده فلا تقولوا سمع الله لمن حمده ولكن قولوا ربنا ولك الحمد، بدليل السياق، سياق الحديث الذي قال: (إذا كبر فكبروا) ، ومن قال مِن أهل العلم إنه يقول (سمع الله لمن حمده) ويقول (ربنا ولك الحمد) فقوله ضعيف، وليس أحدٌ يقبل قولُه على الإطلاق، ولا يُرَدُّ قولُه على الإطلاق، حتى يُعرض على الكتاب والسنة، ونحن إذا عرضناه على السنة وجدنا الأمر كما سمعت " انتهى.

وانظر: "المغني" (١/٥٤٨) ، "الأم" (١/١٣٦) ، "المحلى" (١/٣٥) ، "الموسوعة الفقهية" (٢٧/٩٣-٩٤)

ويتبين بذلك أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فلا غرابة أن تكون بعض الملصقات قد قررت ما ذهب إليه بعض أهل العلم.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>