هل تصوم نافلة مع منع زوجها الناشز لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحاول التقرب من الله بكل الوسائل، الصلاة فريضة، ونوافل، وقياما للثلث الأخير من الليل، والصوم كل اثنين وخميس، وغيرها، إلا أنني علمت أن المرأة يجب أن لا تصوم غير رمضان إلا بإذن من الزوج، وأنا لا أفعل ذلك لأسباب: أولها: أن زوجي تنطبق عليه كل ما ورد في جواب السؤال رقم (١٨٥٩) ، كما أنه لا يعاشرني، لا وأنا صائمة، ولا مفطرة، يرفض أن أشاركه الفراش، بحجة أنني أقلق راحته عندما أستيقظ في الفجر، مما جعلني أنام في غرفة أخرى، حتى لا أفوت أجر الفجر وقيام الليل، وعندما آخذ الإذن منه يرفض أن أصوم فقط من أجل الرفض، مما جعلني أقول له غدا سأصوم فقط من باب العلم فقط، ولا أطلب الإذن، فهل كل صيامي باطل - مع العلم أنني أكثر من سنتين وأنا على هذا الحال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل أنه لا تصوم الزوجة تطوعاً وزوجها حاضر إلا بإذنه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ) . رواه البخاري (٥١٩٥) ومسلم (١٠٢٦) .
وهذا إنما شرِع لعظم حق الزوج على زوجته، والأفضل للزوج أن يأذن لزوجته بالصوم؛ لما فيه من إعانتها على الطاعة، ويكون هو بذلك مأجوراً، وإن لم يكن للزوج حاجة بزوجته في النهار: فإنه يُكره له منعها من الصيام.
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين – حفظه الله -:
هل لي الحق في منع زوجتي من صيام أيام التطوع كأيام الست من شوال؟ وهل يلحقني إثم في ذلك؟ .
فأجاب:
ورد النهي للمرأة أن تصوم تطوعا ًوزوجها حاضر إلا بإذنه؛ لحاجة الاستمتاع، فلو صامت بدون إذنه: جاز له أن يفطرها إن احتاج إلى الجماع، فإن لم يكن له بها حاجة: كره له منعها إذا كان الصيام لا يضرها، ولا يعوقها عن تربية ولد، ولا رضاع، ونحوه، سواء في ذلك الست من شوال، أو غيرها من النوافل.
" فتاوى إسلامية " (٢ / ١٦٧) .
ولو صامت المرأة بغير إذن زوجها صحَّ صومها، مع حرمة فعلها
فقد جاء في " الموسوعة الفقهية " (٢٨ / ٩٩) :
اتّفق الفقهاء على أنّه ليس للمرأة أن تصوم تطوّعاً إلاّ بإذن زوجها؛ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (لا تصم المرأة وبعلها شاهد، إلاّ بإذنه) ؛ ولأنّ حقّ الزّوج فرض، فلا يجوز تركه لنفل.
ولو صامت المرأة بغير إذن زوجها صحّ مع الحرمة عند جمهور الفقهاء، والكراهة التّحريميّة عند الحنفيّة، إلاّ أنّ الشّافعيّة خصّوا الحرمة بما يتكرّر صومه، أمّا ما لا يتكرّر صومه كعرفة وعاشوراء وستّة من شوّال فلها صومها بغير إذنه، إلاّ إن منعها.
ولا تحتاج المرأة إلى إذن الزّوج إذا كان غائباً، لمفهوم الحديث ولزوال معنى النّهي " انتهى.
ثانياً:
وفي حال كون الزوج هاجراً لزوجته، ومبطلاً لحقوقها في الفراش والعشرة، ويكون منعه لصومها من أجل التسلط فقط: فليس له إذن، وللزوجة أن تصوم ولو لم تستأذن منه، وموافقته وعدمها سواء
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " شرح بلوغ المرام " – مخطوط -:
" لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، والحكمة ربما أنه يحتاج إلى الاستمتاع بها فيهاب أن يفسد عليها صومها، وهذا من تمام حقه
وهل ذلك مقيد بما إذا كان الزوج ناشزاً - أي: يضيِّع حقوقها - فهل لها الصوم بلا إذنه وهو شاهد؟ .
نعم؛ لأن ميزان العدل أنه إذا نشز: فلها أن تنشز؛ لقوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم) البقرة/من الآية ١٩٤ " انتهى.
وننبه الأخت السائلة إلى أن زوجها إن كان تاركاً للصلاة: فلا يحل لها البقاء معه؛ لأنه بتركه للصلاة يصير مرتداً، وانظري جوابي السؤالين: (٣٣٠٠٧) و (٤١٣١) .
وإن كان مقترفاً لكبائر الذنوب: فالأفضل لك – إن لم ينفع النصح ولم تستطيعي الصبر – أن تفارقيه، وانظري جواب السؤال رقم (٤٧٣٣٥) ففيه الحكم والنصح للمتزوجة بمن يفعل المعاصي.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب