للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طلَّقها زوجها فهل تطلب من إمام المسجد المتزوج الذي سعى في الإصلاح التزوج بها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[كننت مسيحية، والحمد أسملت، وتزوجت برجل مسلم، وظلت العلاقة بيننا لمدة سبع سنوات، وخلال هذه السنوات كنت على علم تام بأنه كان يقيم علاقات غير شرعية مع نساء أخريات، كما أنه كان يمارس الكذب ليل نهار، طبعاً لم أستطع أن أصبر على هذا الوضع، فطلبت منه الطلاق، وفعلاً فعل، ولكن أتى بعد ذلك، وقال: إنه يحبني، وأنه لن يعود لمثل ذلك، وعادت العلاقة، ليس لأنه راجعني فحسب، ولكن أيضاً من أجل الطفل الذي بيننا، ومرت الأيام، واكتشفت أنه لم يتغير أبداً، بل يكذب عليّ، ويقول: إنه سيذهب لينام في المسجد، وأنا أعلم تمام العلم أن لا أحد ينام في المسجد إلا خلال شهر رمضان، أما ما سوى ذلك فهو مغلق، ولكن في حقيقة الأمر كان يذهب إلى بيت صديقته، ساءت العلاقة، وذهبنا إلى إمام المسجد ليفصل بيننا، وقد أصبح الآن لدينا ولد آخر، وفعلاً بعد أخذ ورد: طلقني، ولكن خلال فترة العدة كان يسيء معاملتي مما اضطرني إلى الذهاب إلى بيت إحدى صديقاتي والمكوث عندها، حتى توسط إمام المسجد الذي كان يتعاهدني بالرعاية، والإحسان، فعدت إلى بيتي، وما أثقل ما مرت تلك الأيام؛ لِما كنت ألقاه من ضيق منه، رغم الوعود التي قطعها أنه لن يؤذيني. على كل حال: انتهى الأمر مع زوجي، وأصبحت أفكر في رجل أتزوجه، وأعيش معه، فجاء على ذهني إمام المسجد؛ لما رأيتُ منه، من إحسان، وعطف، أن أطلب منه أن يتزوجني، ولكن لا أدري كيف سيكون الوضع لأنه متزوج أصلاً، والزواج بثانية يعدُّ جرماً، وخرقاً للقانون هنا في كندا، إلا أن هذه المشكلة يمكن أن تحل بأن يظل زواجنا طي الكتمان دون أن تعلم السلطات، لكن المشكلة العويصة: أن زوجي قد نشر في المسجد، وفي أوساط الجالية: أن الإمام فرَّق بيني وبينه لكي يتزوجني، مع أنه يعلم الله أن هذا الرجل لم تظهر منه أي علامة تدل على هذا، ولكنني شعرت أنه سيكون زوجاً مناسباً لي؛ لما فيه من تقى، وإيمان، ولأنني أظن أنه سيعينني على التمسك بديني أكثر، مع أنني إلى الآن لا أعلم ما إذا كان سيقبلني زوجة أم لا. فما هي نصيحتكم، هل أطلب منه الزواج والحالة هذه؟ ومن سيكون وليي في هذه الحالة؛ لأن كل أسرتي مسيحيون، ليس هذا فحسب، بل إنهم يسخرون مني أنني اعتنقت الإسلام، فكيف سيكون الأمر ما لو إذا علموا أنني سأتزوج رجلاً متزوجاً أصلاً، وإن كان لديكم مقترح بزواج آخر: فانصحوني، ولا تنسوني من صالح دعائكم، وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نسأل الله تعالى أن يثبت قلبكِ على الإسلام، وأن يهديك لأحسن الأعمال، والأقوال، وأن ييسر لك الخير، وأن يرزقك زوجاً صالحاً يعينك على الثبات على دينه.

ثانياً:

لا حرج على المرأة أن تطلب الزواج من رجل صالح يعينها على أمور دينها، وقد بينا ذلك في جواب السؤال رقم (٢٠٩١٦) .

إلا أننا ننصحك بعدم طلب ذلك من هذا الإمام، وذلك لسببين:

١. حفظاً لكرامة هذا الإمام بين الناس، وكرامتك؛ لأن زوجك الأول قد أشاع أنه السبب في الفرقة بينه وبينك، وزواجك به سيؤكد هذه الإشاعة، ويثبتها، مما يُلحق بكما الأذى.

٢. ما قد يلحق بزواجك من فشل أو مشكلات، في حال وصول خبر زواجكما للسلطات في بلدكم، وقد يكون المخبر لها هو زوجك الأول انتقاماً منك، وينبغي للمسلم أن لا يتسبب في حصول الضرر لا لنفسه، ولا لغيره.

لذا فإننا ننصحك بالابتعاد عن التفكير في هذا الإمام زوجاً لك، وما تعرفينه عنه من صفات حسنة فإنها قد توجد في غيره، وقد تكون أكثر، ولعل الله أن ييسر لك زوجاً صالحاً خيراً منه عاجلاً غير آجل.

ويمكنك أن تطلبي منه مساعدتك في البحث عن زوج مناسب لكِ.

وإذا يسَّر الله لك زوجاً صالحاً: فإنه لا بدَّ في النكاح من ولي لك، وبما أنه ليس من أهلك من هو مسلم: فإن الولاية لا تكون في أحدٍ منهم، بل يكون وليُّك هو إمام المركز الإسلامي، أو غيره من المسلمين الذين لهم وجاهة في المجتمع، ومعروفون بالدين والأمانة والعقل،

ولا حرج أن يتولى هذا الإمام إجراء العقد لك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"وإذا تعذر مَن له ولاية النكاح: انتقلت الولاية إلى أصلح من يوجد، ممن له نوع ولاية في غير النكاح، كرئيس القرية وأمير القافلة، ونحوه" انتهى.

" الاختيارات الفقهية " (ص ٥٣٠) .

وانظري جواب السؤال رقم: (٣٨٩) .

ونوصيك بالصبر على سخرية أهلك منك بسبب إسلامك، ولا تيأسي من دعوتهم للخير الذي يسَّره الله لك، وداومي على الدعاء لهم بالهداية، فلعل الله أن يستجيب دعاءك، ويهديهم إلى الحق الذي هداك إليه.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

موقع الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>