للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زوجها يسبها ويقذفها ويهددها بالقتل فهل طلبها الطلاق منه شرعي؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أريد الطلاق من زوجي لعدة أسباب: ١. توفيت ابنتي منذ ستة أشهر عمرها ٦ سنوات في حادث سيارة، وكانت بصحبتي، وهو يتهمني بقتلها. ٢. يسبني بألفاظ لا ترضى بها زوجة من زوجها. ٣. يتهمني بأن هناك علاقة بيني وبين زوج أختي! على العلم بأن زوج أختي في لندن، وأنا في مصر. ٤. يذمني في كل مكان بكلام بذيء. ٥. أنا تحملت ما لا يتحمله بشر، وهو أكبر مني بأكثر من عشرين سنة، وكنت أبحث عن رجل كبير في السن لعقله، وعلمت بعد الزواج أنه يعاني من مرض نفسي، وظللت معه حتى شفيَ من مرضه النفسي، والآن عاد إليه المرض، ويريد قتلي؛ لاعتقاده بأني قتلتُ ابنته، وأنا لدي طفلة أخرى، وطفل، ويتمنى لهم الموت بدلاً من التي توفيت؛ لأنه كان يحبها هي فقط. سؤالي: هل يحق لي الطلاق في هذه الحالة - مع العلم بأنه لا يريد أن يطلقني، ويريد قتلي.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نسأل الله أن يُعظم أجرك في وفاة ابنتك، وأن يجعلها شافعة لأهلها يوم القيامة، وأعظم الله أجرك في زوجك الذي قال وفعل ما أدخل الهم والحزن عليك.

واعلمي أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان، وأن المسلم يصيبه فيها الهم والغم والحزن والمرض، وأنه لا ينبغي له تفويت ذلك من غير فوزٍ بالأجور الوافرة، فاحتسبي ما أصابك عند ربك تعالى، واسأليه أن يصبرك، وأن يثبت قلبك على دينه.

وأما طلب الطلاق: فإن بعض ما صدر من زوجك يبيح لك طلب الطلاق، فكيف بتلك الأسباب مجتمعة؟! .

فالقذف كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يحل له فعل ذلك، والسب والشتم والتهديد بالقتل أمور لا يطيقها المرء من غريب بعيد، فكيف بها تصدر من شريك الحياة الزوجية، والذي يعيش وإياه في بيتٍ واحدٍ؟! .

وطلب المرأة الطلاق من زوجها إن كان من غير سببٍ: فهو الذي ورد فيه الوعيد، وأما ما كان بسبب: فلا شك أن الوعيد لا يشمل تلك المرأة الطالبة للطلاق.

قال النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلم: (أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا مِن غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْها رَائِحَةُ الجَنَّةِ) .

رواه الترمذي (١١٨٧) وأبو داود (٢٢٢٦) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".

قال الحافظُ ابنُ حجر – رحمه الله -:

الأخبارُ الواردةُ في ترهيبِ المرأةِ من طلبِ طلاقِ زوجِها محمولةٌ على ما إذا لم يكن بسببٍ يقتضي ذلك.

" فتح الباري " (٩ / ٤٠٢) .

وقالَ المُبارَكفورِي – رحمه الله -:

أَيْ: من غيرِ شدةٍ تُلجِئُها إلى سؤالِ المفارقَة.

" تحفة الأحوذي " (٤ / ٤١٠) .

وفي " الموسوعة الفقهية " (٢٩ / ١١) :

تملك الزّوجة طلب إنهاء علاقتها الزّوجيّة إذا وجد ما يبرّر ذلك، كإعسار الزّوج بالنّفقة، وغيبة الزّوج، وما إلى ذلك من أسباب اختلف الفقهاء فيها توسعةً وتضييقاً، ولكنّ ذلك لا يكون بعبارتها، وإنّما بقضاء القاضي، إلاّ أن يفوّضها الزّوج بالطّلاق، فإنّها في هذه الحال تملكه بقولها أيضاً.

فإذا اتّفق الزّوجان على الفراق: جاز ذلك، وهو يتمّ من غير حاجة إلى قضاء، وكذلك القاضي، فإنّ له التّفريق بين الزّوجين إذا قام من الأسباب ما يدعوه لذلك، حمايةً لحقّ الله تعالى، كما في ردّة أحد الزّوجين المسلمين - والعياذ بالله تعالى - أو إسلام أحد الزّوجين المجوسيّين وامتناع الآخر عن الإسلام وغير ذلك.

إلاّ أنّ ذلك كلّه لا يسمّى طلاقاً، سوى الأوّل الّذي يكون بإرادة الزّوج الخاصّة وعبارته، والدّليل على أنّ الطّلاق هذا حقّ الزّوج خاصّةً قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (إنّما الطّلاق لمن أخذ بالسّاق) - رواه ابن ماجه (٢٠٧٢) وحسَّنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " – انتهى.

فالخلاصة:

أنه يجب على الزوج أن يتقي الله في نفسه، وأن يكف لسانه عن الولوغ في الحرام، وعلى من يستطيع منعه من أهله أو ولاة الأمر أن يبادروا لذلك، والزوجة إن شاءت صبرت وتحملت الأذى والضرر من زوجها، وإن شاءت طلبت الطلاق، فإن تفاهمت مع زوجها على الطلاق، وإلا رفعت أمرهما للقاضي الشرعي ليلزمه بالطلاق إن ثبت لديه الضرر.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>