سليطة اللسان على زوجها وتشكو من ابتعاده عنها!
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحب زوجي كثيرا وهو يحبني ولكن أنا كثيرة العصبية وسليطة اللسان (أتمادى على زوجي وأهله) ، لأنه كثير الانشغال عني وعن بنتي والبيت كله.
يخدم الناس وأهله ولا يجلس معي، ربما لأني كنت على علاقة بشباب في فترة قرابة السنة والنصف والحمد لله كانت علاقة بالهاتف فقط وانتهت. وبعدها بثلاث سنوات تزوجت.
سؤالي: كيف أستطيع التغير؟ لا أريد أن أغضبه، أريد أن أحترمه، ساعدوني، أنا كثيرة العصبية، أريد حلاًّ يريحني ويجعلني أعيش سعيدة مع زوجي وبنتي، مع العلم أني لا أحس بأني متزوجة وأني زوجة وأم لبنت وصاحبة منزل أديره، حياتي فيها فراغ كبير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من الأخطاء الشائعة: أن يخبر الزوجان كل منهما الآخر؛ عما كان في حياته السابقة قبل الزواج، بحجة أنه على كل منهما أن لا يترك لحبيبه الجديد شيئاً من حياته الماضية؛ إلا وأخبره وعنها، تعللاً بالمصارحة بينهما , وحتى تصفو الحياة لهما , ولا تصاب بركسة ولا نكسة، وخوفا ًمن هواجس الماضي فيعيشان حياة سعيدة!
وقد أثبت الواقع وتكشف عن فشل هذه الفكرة , لأن الزوجين في معظم الأحيان لا يتحملان هذا الأمر! وإن صبرا عليه في البداية، لأن حرارة الحب الجديد بينهما تمنع من ردة الفعل المباشرة، حتى إذا ما خمدت هذه الحرارة , وبرد الحب , وخفت العلاقة بينهما سرعان ما يظهر ما كان خافياً ومختبئاً ويطفو على سطح حياتهما, فتنقلب عليهما الحياة، فتبدأ بالتعسر، والعلاقة الحميمة إلى فتور , وتنشأ المشكلات بينهما, وتبدأ حرارة الغيرة تحرق روابط الحياة بينهما.
أختي السائلة:
ما كان قبل الزواج يجب أن يذهب مع أيامه ووقته , لا يعلمه أحد من الناس مهما كان شأنه أو مكانه أو قربه، فإن كان معصية يحدث صاحبه توبة بشروطها بينه وبين الله سبحانه، لأن التوبة هي التي تهدم ما قبلها من الذنوب، وليس إخبار الزوج ومصارحته.
ومن شروطها: الندم على ما حصل، والإقلاع عن الذنب، والعزم على أن لا يعود , وينبغي أن يكثر من الطاعة والاستغفار لتعويض ما فات.
على أن المؤمن مأمور بالستر على نفسه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله) أخرجه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (١٤٩) .
وروى البخاري (٦٠٦٩) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:: (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ) .
وما ذكرت من حبك لزوجك الذي هو من أسس الحياة الزوجية – بداية طيبة وأساس متين لحل كثير من الخلافات القائمة بينكما بإذن الله تعالى.
أختي السائلة:
أظهري لزوجك هذا الحب حيّاً واقعياً , وذلك بإظهار اهتمامك به، غيري نمط حياتك معه، نفسك، شكلك، بيتك، أحدثي تغييراً جذرياً فيها.
لعل السآمة أخذته من حياة تقليدية رتيبة لا تغيير فيها.
حولي نظره إليك، إلى بيتك، إلى ابنتك، بكل ما تمتلكين من أسباب، وإياك والتذمر أو الضيق من شؤونه الخاصة، لأنها ستقف عثرة أمام التفاهم المنشود بينكما.
أدبي نفسك بأدب الإسلام, وإياك والعصبية، فقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الغضب.
روى البخاري (٦١١٦) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي قَالَ: (لا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لا تَغْضَبْ) .
كما أمرنا بحفظ اللسان وصيانته، فقال صلى الله عليه وسلم وهو يوصي معاذاً رضي الله عنه: (كف عليك هذا – أي: لسانك- فقلت: يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: ثكلتك أمك يا معاذ, وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) رواه الترمذي وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (٧٧٢) .
إن ما ذكرت فيك من العصبية, وسلاطة اللسان.. هما معولا هدم وتكسير، ينقض أساس بنيان الأسرة وحياتها.
ولعلهما السبب في إعراض زوجك عنك، وأنه رأى ووجد في أهله، والناس من التقدير, والاحترام والأدب ما لم يجده عندك، فألجأه ذلك إلى ما هو عليه.
فاجتهدي في تغيير سلوكك، وضبط نفسك، وتوجهي إلى الله بالدعاء لك وله بالتوفيق , والصلاح , وحسن الأخلاق , والأدب فإن الله قريب مجيب.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع بينكما في خير، ويوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب