تشغيل القرآن في غرفة الشات الصوتي التي بها الأغاني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تشغيل القرآن في الشاتات الصوتية التي فيها أغاني وفتح كاميرات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا العمل غير مشروع، وقد يكون سبباً في النفور من القرآن وعدم احترامه، والرغبة في توقف القراءة، هذا مع الانشغال عنه، وعدم الإصغاء له، وربما صاحب ذلك فعل المنكرات أيضا.
وعلى من أراد النصيحة أن يدخل ويبين الحكم الشرعي في الأغاني والصور، ولا يكتفي بقراءة القرآن أو تشغيل المسجل.
قال النووي رحمه الله في "التبيان في آداب حملة القرآن" ص (٩٢) : " ومما يعتنى به ويتأكد الأمر به احترام القرآن من أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين مجتمعين.
فمن ذلك: اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلا كلاما يضطر إليه، وليمتثل قول الله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) ...
ومن ذلك: العبث باليد وغيرها، فإنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، فلا يعبث بين يديه.
ومن ذلك: النظر إلى ما يلهي ويبدد الذهن.
وأقبح من هذا كله: النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه كالأمرد وغيره ... وعلى الحاضرين مجلس القراءة إذا رأوا شيئا من هذه المنكرات المذكورة أو غيرها أن ينهوا عنه حسب الإمكان باليد لمن قدر، وباللسان لمن عجز عن اليد وقدر على اللسان، وإلا فلينكر بقلبه والله أعلم " انتهى.
وذكر البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (١/٤٣٣) عن ابن عقيل رحمه الله أنه قال بتحريم القراءة في الأسواق يصيح أهلها فيها بالنداء والبيع، ونقل عنه أنه قال: " قال حنبل: كثير من أقوال وأفعال يخرج مخرج الطاعات عند العامة , وهي مآثم عند العلماء , مثل القراءة في الأسواق , يصيح فيها أهل الأسواق بالنداء والبيع، ولا أهل السوق يمكنهم الاستماع، وذلك امتهان " انتهى.
وقد وُجه للجنة الدائمة للإفتاء سؤال هذا نصه:
" يتوفر للمستشفى التخصصي وسائل اتصالات داخلية جيدة تسمح للمخاطب بمقاطعة المكالمة القادمة والانتقال إلى مكالمة أخرى مدة تطول أو تقصر حسبما تدعو الحاجة ثم العودة إلى المكالمة الموقوفة، وخلال فترة الانقطاع المذكورة يمكن للمتكلم أن يستمع إلى مادة مسجلة مناسبة، ولقد رغبنا أن نملأ فترة الانقطاع هذه بمادة دينية، سواء مقاطع من القرآن الكريم أو من الأحاديث الشريفة. وحيث إنه قد يتخلل الانقطاعات أمور دنيوية يدخل فيها الجد والهزل حسب مكانة وظرف المتحدثين فقد رأينا الاستئناس برأي سماحتكم قبل إدخال مثل هذه المواد الدينية.
فأجابت:
" أولا: لا يجوز قطع المكالمة أو وقفها؛ لما في ذلك من الأذى، إلا لمقتض يدعو إلى ذلك، كإساءة المتكلم إساءة لا تزول إلا بقطعها أو طروء أمر ضروري أو أصلح يدعو إلى وقفها أو قطعها.
ثانيا: القرآن الكريم: كلام الله تعالى، فيجب احترامه وصيانته عما لا يليق به من خلطه بهزل أو مزاح يسبق تلاوته أو يتبعها، ومن اتخاذه تسلية أو ملء فراغ مثل ما ذكرت، بل ينبغي القصد إلى تلاوته قصدا أوليا؛ عبادة لله وتقربا إليه، مع تدبر معانيه والاعتبار بمواعظه، لا لمجرد التسلية والتفكه وملء الفراغ، وكذلك أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز خلطها بالهزل والدعابات، بل تجب العناية بها، وصيانتها عما لا يليق، والقصد إليها لفهم أحكام الشرع منها والعمل بمقتضاها " انتهى.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... عبد الرزاق عفيفي......عبد الله بن غديان ... عبد الله بن قعود "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (٤/٨٤) .
ولاشك أن ما يجري في الشاتات الصوتية أعظم بكثير مما ورد في سؤال اللجنة، ولهذا نقول: يجب صيانة القرآن عن هذه المواطن، فإن القرآن أعظم من أن يوضع بإزاء الأغاني، وأن يتلى على أسماع اللاهين الغافلين، فضلا عن العاكفين على شيء من المحرمات.
ولا ننصح بالدخول على هذه المواقع والبرامج، إلا للداعية المتزود بالعلم والبصيرة التي تدفع الشبهات، والمتحصن بالإيمان القوي الذي يحجز عن الشهوات.
ولينشغل الإنسان بما ينفعه، وليستفد من المواقع الصالحة النقية، فإن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة، وقد يدخل الداخل لغرض النصح، فما يلبث أن يصبح أحد المفتونين، نسأل الله العافية.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب