تعرف ابنه على فتاة عبر الشات ويريد الزواج بها
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرف ابني البالغ من العمر إحدى وعشرين عاماً على فتاة في مدينة أخرى عن طريق الشات، وظل يواصل الاتصال بها ثم أخذ يحادثها هاتفياً، وأعجب بها وأُعجبت به، وتطورت العلاقة بينهما خلال عدة أشهر إلي أن اتفقا على الزواج، علما بأنه- حسب ما ذكر لي - لم يحصل بينهما أي لقاْء،ثم طلب مني أن أخطب له تلك الفتاة، حيث إنه في البداية لم يصارحني بأنه تعرف على تلك الفتاة عن طريق الشات، بل لجأ في البداية إلى عمته الموظفة التي أسرَّ لها بذلك، وطلب منها أن تدعى معرفتها بتلك الفتاة عن طريق إحدى زميلاتها في المدرسة وأن تتصل بأم الفتاة، وتخبرها برغبة أهله بالتعرف عليهم تمهيداً لخطبتها منهم وفعلا قامت بذلك، إلا أنى قد جابهت طلبه بالزواج منها بالرفض القاطع لعدة أسباب:
أولاًً: لأن الطريقة التي تعرف بها على تلك الفتاة غير مشروعة.
ثانياً: أنه لا يعرف عن حقيقة أخلاقها الشيء الكثير وكل ما يعرفه عنها كان من خلال المكالمات فقط.
ثالثاً: أنه كذب علي في بداية الأمر، ولجأ إلى عمته في موضوع حساس كان يجب أن يبقى طي الكتمان حتى عن أقرب الناس حتى يتم، ثم يعلن للآخرين.
رابعاً: أننا ولله الحمد ننتمي إلى أسرة محافظة وهذا الأسلوب في الاتصال مع الفتاة لا يتفق مع مبادئنا وقيمنا فضلاً عن عاداتنا وتقاليدنا. الخلاصة أنني في حيرة شديدة من أمره، حيث أنه الآن صار متعثراً في دراسته الجامعية وأصبح ميالاً إلى العزلة.
علماً بأنه كان متفوقاً في دراسته في السابق، وكلما حاولنا ثنيه عن التفكير في هذا الموضوع والانتباه لدراسته عاد مصراً على أن موافقتنا له على الزواج من تلك الفتاة سوف يكون سبباً في استقامة حاله وإسعاده، وأننا سوف نتقبل تلك الفتاة ونعجب بها.
فما هو رأى فضيلتكم في هذه المشكلة المحيرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن هذه المشكلة – وغيرها كثير – تؤكد صحة ما ينادي به كثير من الدعاة والمصلحين من ضرورة الانتباه لتعامل أبنائنا وبناتنا مع الإنترنت، والحذر من الدخول في حوارات بين الرجل والمرأة عبر الشات؛ لما في ذلك من الفتنة المحققة، وما يتبعها من اتصالات ولقاءات.
ولاشك أن ابنك أخطأ في إقامة هذه العلاقة مع امرأة أجنبية لا تحل له، وأخطأ في كذبه عليك، وفي إفشاء هذا الأمر لعمته، لكننا لا نوافقك على مبدأ رفض الزواج من هذه الفتاة، لا سيما إن شعرت بشدة تعلق الابن بها، وذلك لما يلي:
أولا: ليس كل فتاة يقع منها هذا التصرف يمكن الحكم عليها بأنها منحرفة أو سيئة التربية والخلق، فقد يكون هذا منها على سبيل الزلة والسقطة، كما هو الحال مع ابنك.
ثانيا: ما أصاب ابنك الآن من ميول للعزلة وتعثر في الدراسة قد يكون لتمكن حب هذه الفتاة من قلبه، ومثل هذا قد لا ينفع معه دواء غير الزواج بمن أحب، وفي الحديث الذي رواه ابن ماجة (١٨٤٧) " لم ير للمتحابين مثل النكاح " والحديث صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
ثالثا: كون الابن لا يعرف كثيرا عن أخلاق هذه الفتاة يمكن علاجه بالسؤال عنها والتوثق من حالها.
ولهذا نرى أن تسعى لمعرفة حال هذه الفتاة وحال أهلها، فإن كانت على غير الصفة المرضية، كان هذا عذرا مقنعا لابنك حتى يصرف تفكيره عنها.
وإن رضيت حالها وحال أهلها بعد البحث المتأني، فلا مانع من زواج ابنك منها، بل هذا خير علاج له ولها.
ومحل هذا الكلام إن شعرت بشدة تعلقه بها وحرصه على الزواج منها، كما سبقت الإشارة إليه، أما إن كان الأمر مجرد فكرة راقت له، ولم يبلغ الأمر مبلغ العشق أو التعلق الشديد، ورجوت نسيانه لها وانصرافه عنها، فاثبت على مبدأ الرفض، وكن معينا له في البحث عن ذات الخلق والدين والعفة، فما أكثر الصالحات العفيفات اللائي لم يعرفن الرجال ولم يخضن غمار الفتنة.
والجأ إلى الله تعالى أن يلهمك رشدك، واستعن بصلاة الاستخارة في جميع ما تقدم عليه من أمر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب