للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحب والده المتوفى ويريد أن يحسن إليه

[السُّؤَالُ]

ـ[أتقدم إليكم بسؤالي هذا والقلق ينتابني حيال والدي رحمه الله، والدي توفي منذ سنتين، وكان لديه تقصير تجاه رب العالمين وذلك: ١- لم يكن مواظباً على الصلاة المكتوبة , كان يصلي أحياناً وأحياناً لا يفعل كسلاً، وليس إنكاراً لوجوبها. ٢- كان قليلاً ما يصوم رمضان ويحتج بأنه مريض وعليه أن يأخذ دواء القلب، أو أنه ضعيف لا يستطيع , ولكنه كان من المدخنين، وأنا أظن أنه لم يكن مواظباً على الصيام بسبب ضعف مقاومته لترك التدخين. ٣- كنا في فترة بعيدة من الزمان نملك دكاناً للبقالة، وحسب علمي وكما أذكر أنه لم يكن يخرج زكاة البضاعة التي فيه , وكانت أوضاعنا المادية صعبة , ولم تربح تجارتنا، وبعنا الدكان بعدها. ٤- أحياناً ربما امتلك مبلغاً من المال يمكنه من الحج ولكنه لم يحج , وكان دائماً يقول لي إنه يتمنى الذهاب إلى الحج ولكنه لا يستطيع، حيث إنه كان يعاني من مشاكل كثيرة وخطيرة في العينين، وكان عليه أن يبتعد عن الزحام والشمس والتعب، ولكن بعد وفاته تبرع بعض الناس وقاموا بالحج عنه - أظنهم ثلاثة أشخاص منفردين، وليسوا من أقربائه –. أحببت والدي كثيراً، وكذلك أحبه كل من عرفه. لذلك أرجو منكم أن تبينوا لي ماذا يمكنني عمله من أجل البر بوالدي , أنا أحبه وأخاف عليه من عذاب القبر ومن عذاب يوم القيامة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا أردت أن تنفع وتبر والدك بعد وفاته، فيمكنك أن تنفعه بما يأتي:

١- الدعاء الصادق له، قال الله تعالى: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) إبراهيم/٤٠-٤١.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَاّ مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم (١٦٣١) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الله تَبَارَكَ وتَعالى لَيَرْفَعُ لِلرَّجُلِ الدَّرَجَةَ، فَيَقُولُ: أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِدُعَاءِ وَلَدِكَ لك) رواه الطبراني في "الدعاء" (ص/٣٧٥) ، وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/٢٣٤) للبزار، ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/٧٨) .

قال الذهبي في "المهذب" (٥/٢٦٥٠) : إسناده قوي. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث.

٢- التصدق عنه.

٣- أداء الحج والعمرة عنه، وإهداء ثوابهما إليه، وقد سبق في موقعنا تفصيل هذه الأمور في جواب السؤال رقم (١٢٦٥٢) .

٤- قضاء دينه: كما فعل جابر بدين والده عبد الله بن حرام رضي الله عنهما بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم. والقصة رواها البخاري (٢٧٨١) .

أما ما فاته من صيام رمضان ومن أداء الزكاة فهذا لا يمكن للولد استدراكه، فإذا تعمد المسلم التقصير في هذين الفرضين فلا بد أن يتحمل وزرهما، ولا يؤديها أحد عن أحد.

ومثل ذلك: الصلاة، فإنه لا يصلي أحد عن أحد.

وقد أخبرنا ربنا عز وجل بأن المسلم مجازى بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر:

يقول الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة/٧-٨، إلا أن يتجاوز الله برحمته وفضله عن السيئات.

غير أن الزكاة تشبه الدَّيْن، فهي حق للمستحقين الزكاة، فعليك أن تقدر الزكاة التي لم يخرجها في حياته وتقوم بإخراجها عنه ونرجو أن يكون ذلك سبباً للتخفيف عنه.

نسأل الله أن يجزيك خيراً على حبك لوالدك وحرصك على بره، وأن يعفو عنه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>