للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيع المسلم على بيع أخيه هل يصح؟

[السُّؤَالُ]

ـ[يحرم بيع الرجل بيع أخيه، لكن هل يصح البيع أولاً؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا يجوز للمسلم أن يبيع على بيع أخيه، ولا أن يشتري على شرائه؛ لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبع الرجل على بيع أخيه) رواه البخاري (٢١٣٩) ومسلم (١٤١٢) .

والحكمة من هذا النهي ما فيه من إثارة العداوة والبغضاء بين المسلمين، وكل ما أوجب العداوة والبغضاء بين المسلمين، فهو محرم لعموم قوله تعالى (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر) المائدة / ٩١ فجعل الله تعالى علة تحريم الخمر والميسر هي حصول العداوة والبغضاء من فعلهما.

ثانياً:

لو باع المسلم على بيع أخيه فهل يصح البيع أو لا؟ فيه قولان لأهل العلم، فمنهم من ذهب إلى عدم الصحة، وهو المذهب عند الحنابلة، ومنهم من ذهب إلى صحة البيع مع الإثم، وهو مذهب الشافعي رحمه الله.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٤/١٤٩) : " فإن خالف وعقد , فالبيع باطل ; لأنه منهي عنه , والنهي يقتضي الفساد. ويحتمل أنه صحيح ; لأن المحرّم هو عرض سلعته على المشتري , أو قوله الذي فسخ البيع من أجله , وذلك سابق على البيع , ولأنه إذا صح الفسخ الذي حصل به الضرر , فالبيع المحصل للمصلحة أولى , ولأن النهي لحق آدمي , فأشبه بيع النجش. وهذا مذهب الشافعي " انتهى.

وقال المرداوي في الإنصاف (٤/٣٣١) : " ولا يجوز بيع الرجل على بيع أخيه. وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة: أنا أعطيك مثلها بتسعة. ولا شراء الرجل على شراء أخيه. وهو أن يقول لمن باع سلعة بتسعة: عندي فيها عشرة , ليفسخ البيع ويعقد معه. وهذا بلا نزاع فيهما. ويتصور ذلك في مسألتين: الأولى: في خيار المجلس، والثانية: في خيار الشرط. ... وأما قبل العقد: فهو سومه على سوم أخيه على ما يأتي. قوله (فإن فعل فهل يصح؟ على وجهين) . وهما روايتان في الفروع وغيره. وأطلقهما في الهداية , والمحرر , والرعايتين , والحاويين , والمستوعب:

أحدهما: لا يصح أعني البيع الثاني، وهو المذهب. صححه في التصحيح. قال في المذهب , ومسبوك الذهب: البيع باطل في ظاهر المذهب. قال في الفروع: لم يصح على الأصح. قال في الرعاية الكبرى: أشهرهما: البطلان. واختاره أبو بكر , وغيره. وجزم به في الخلاصة , والوجيز , وتذكرة ابن عبدوس. وقدمه في الشرح , والكافي.

والوجه الثاني: يصح. اختاره القاضي , وأبو الخطاب. وقال الشيخ تقي الدين: يحرم الشراء على شراء أخيه. فإن فعل كان للمشتري الأول مطالبة البائع بالسلعة , وأخذ الزيادة. أو عوضها " انتهى.وينظر: الموسوعة الفقهية (٩/٢١٤) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وقوله: (ويبطل العقد) نص على بطلان العقد، لأن بعض أهل العلم يقول: إن العقد صحيح، لأن النهي هنا لا يعود إلى ذات المعقود عليه، وإنما يعود إلى أمر خارج وهو العدوان على المسلم فيكون العقد حراما، ولكنه صحيح. ويدل على ذلك أن هذا الذي باع على بيع أخيه لو أذن له الذي بيع على بيعه لكان العقد صحيحا ولا شيء فيه، فإذاً يكون التحريم غير عائد إلى ذات المنهي عنه، ويكون العقد صحيحا مع الإثم.

ولكن القول بالمذهب من باب السياسة ويمنع العدوان على الناس، فيكون قولا جيدا " انتهى من "الشرح الممتع" (٨/٢٠٦) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>