مصحف التجويد الملون
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن مصحف التجويد الذي يحتوي على الحروف الملونة التي تساعد على صحة نطق الحروف ومخارجها؟ هل ما يحويه هذا المصحف من ألوان ومربعات ومسافات للوقفات يعتبر من البدع أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بعد الاطلاع على مصحف التجويد الملون، تبين أنه لا محذور في استعمال هذه الألوان، بل فيها تيسير تعلم التجويد، على من لا يستطيع التلقي المباشر عن أهل الاختصاص.
وقد نشر موقع دار المعرفة صورة من اعتماد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر لهذا المصحف الذي استعملت فيه الألوان، كما نقل موافقة شيخ قراء الديار الشامية الشيخ محمد كريم راجح، وموافقة الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي، وهذا نص ما ورد في الموقع:
" وفيما يتعلّق بعملنا هذا، بيّن شيخ قرّاء الديار الشاميّة محمد كريم راجح في ٢١ صفر١٤١٢ هـ، بأنّ هذا العمل (مقبول وإذا لم ينفع لم يضر، ثمّ هو يُذكر ويدل، ولا يغني عن التلقّي من أفواه المشايخ) ، في حين بيّن الشيخ القارئ محي الدين الكردي في ١٨ صفر ١٤١٥هـ (بأنّه قد يستفيد من هذا العمل البعيدُ عن التعلّم والكبير، فإنّهم لا يستطيعون التلقّي) .
وقد بيّن الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي عضو مجمّع الفقه الإسلامي بجدّة ورئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق في ١٨ محرم ١٤١٥ هـ ما يلي: (يقول الله تعالى: (ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكِر) وفي هذا دلالة واضحة على أنّ كل ما يُيَسّر تلاوة القرآن المفروض شرعاً تدبّره وفهم معانيه وإدراكه، والعمل بما جاء فيه، أمر واجب شرعاً على أولي العلم والفقه وتفسير كتاب الله، وإذا كان ترتيل القرآن المجيد واجباً شرعاً على النحو المعروف في علم التجويد، فإنّ كل أسلوب يُسهّل على القارئ معرفة أحكام التجويد والالتزام بها في التلاوة أمر جائز شرعاً، سواء أكانت حروف الطباعة بلون واحد أم بألوان مختلفة، والقراءة الناجحة هي التي ترتسم حروف كلماتها في الذهن، وهذه الطبعة للقرآن المجيد بالألوان تتفق مع تيسير القرآن وترتيله، وتثبيت الأحكام في الذهن، فذلك أسلوب معاصر مرغوب فيه ولا ينافي المأثور والرسم المنقول، والله الموفق لدار المعرفة على هذا العمل المبرور" انتهى.
وينظر صورة اعتماد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر تحت هذا الرابط:
http://www.dar-al-maarifah.com/ar/azhar.htm
ولا وجه للحكم ببدعية هذه الألوان، فقد كان علماء الضبط قديما من زمن التابعين يشكلون المصاحف وينقطونها باللون الأحمر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " لم يكن الصحابة ينقطون المصاحف ويشكلونها حيث كانوا عربا لا يلحنون، فلم يحتاجوا إلى تقييدها بالنقط، وكان في اللفظ الواحد قراءتان يقرأ بالياء والتاء مثل يعملون، وتعملون، فلم يقيدوه بأحدهما ليمنعوه من الأخرى.
ثم إنه في زمن التابعين لما حدث اللحن صار بعض التابعين يشكل المصاحف وينقطها، وكانوا يعملون ذلك بالحمرة، ويعملون الفتح بنقطة حمراء فوق الحرف، والكسرة بنقطة حمراء تحته، والضمة بنقطة حمراء أمامه، ثم مدوا النقطة الحمراء، وصاروا يعملون الشدة بقولك " شد " ويعملون المدة بقولك " مد "، وجعلوا علامة الهمزة تشبه العين؛ لأن الهمزة أخت العين، ثم خففوا ذلك وصارت علامة الشدة مثل رأس السين، وعلامة المدة مختصرة، كما يختصر أهل الديوان ألفاظ العدد وغير ذلك، كما يختصر المحدثون أخبرنا وحدثنا فيكتبون أول اللفظ وآخره على شكل (أنا) وعلى شكل (ثنا) وتنازع العلماء هل يكره تشكيل المصاحف وتنقيطها على قولين معروفين، وهما روايتان عن أحمد، لكن لا نزاع بينهم أن المصحف إذا شكل ونقط وجب احترام الشكل والنقط، كما يجب احترام الحرف) انتهى من "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (١٢/١٠١) .
وقال الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد المطلق حفظه الله: " لا يدخل في الرسم العثماني الأمور التالية:
أولا: النقط التي تتميز بها الحروف فإنها إنما ألحقت بالحروف العربية في عصر التابعين وكانت الحروف قبل ذلك تكتب غير منقوطة. قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني المتوفى سنة ٤٤٤ هـ: " باب ذكر من نقط المصاحف أولا من التابعين ومن كره ذلك ومن ترخص فيه من العلماء: اختلفت الرواية لدينا فيمن ابتدأ بنقط المصاحف من التابعين فروينا أن المبتدئ بذلك كان أبا الأسود الدؤلي.
وروينا أن ابن سيرين كان عنده مصحف نقطه يحيى بن يعمر وأن يحيى أول من نقطها" [كتاب النقط المطبوع مع المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ص١٢٩] .
ثانيا: الحركات والتنوين وأول من وضعها أبو الأسود الدؤلي وكانت نقطا، وذلك أنه أراد أن يعمل كتابا في العربية يقوّم الناس به ما فسد من كلامهم إذ كان ذلك قد نشأ في خواص الناس وعوامهم فأحضر من يمسك المصحف، وأحضر صبغا يخالف لون المداد، وقال للذي يمسك المصحف عليه: إذا فتحت فاي فاجعل نقطة فوق الحرف، وإذا كسرت فاي فاجعل نقطة تحت الحرف، وإذا ضممت فاي فاجعل نقطة أمام الحرف، فإن أتبعت هذه الحروف غنّة يعني تنوينا، فاجعل نقطتين حتى آتي على آخر المصحف. وقيل إن أول من فعل ذلك نصر بن عاص الليثي. [كتاب النقط المطبوع مع المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ص١٢٩] .
ثم إن الخليل بن أحمد طور ذلك حيث اخترع الحركات المأخوذة من الحروف. [الإتقان في علوم القرآن ص ٢١٩] .
ثالثا: الهمزة والتشديد والرَّوْم والإشمام، وأول من وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي.
رابعا: علامات التجويد وعلامات الوصل والوقف فإنها لم تكن في الرسم العثماني وإنما كتبت بعد الكتابة في علم التجويد " انتهى من "كتابة القرآن الكريم بخط برايل للمكفوفين" منشور في مجلة البحوث الإسلامية (٦٦/٣٣٧) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب