ـ[أريد أن أسال هل الأغاني حرام؟ مع العلم أني أسمع الأغاني الأجنبية، ولكن دائما وأنا أفعل شيئا ... فمثلا أثناء المذاكرة أو أثناء العمل علي الكومبيوتر ... كمجرد صوت بجانبي، ولكني لا أخصص لها وقتا وأجلس لسماعها فقط.. أي أنها لا تلهني عن أي واجب.... كما أنني لا أسمع الأغاني التي تثير الغرائز أو بها معانٍ سيئة، ولكن قد توجد بعض المعاني عن الحب، ولكن ليست بصورة سافرة أو مثيرة للغرائز.....فهل هذا حرام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الغناء إن كان مصحوبا بآلات الموسيقى، فإنه يحرم فعله، وسماعه، سواء كان من رجل أو امرأة، وسواء كان غناء عاطفيا أو حماسيا أو دينيا، ولا يستثنى من ذلك إلا الغناء المصحوب بالدف، في العرس والعيد وقدوم الغائب، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم (٥٠٠٠) ، ورقم (٢٠٤٠٦) ورقم (٤٣٧٣٦) .
وأما إذا خلا من الموسيقى، فإن كان من امرأة لرجال فهو حرام، وإن كان من رجل، وبكلام مباح جاز، كالأناشيد الإسلامية الخالية من الموسيقى، ومع ذلك لا ينبغي الإكثار من سماعها.
وقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على تحريم استماع الموسيقى، وأشار بعضهم إلى أن حكمة التحريم، هي ما لهذه الموسيقى من أثر في تهييج النفوس وإغرائها بالحرام، ولهذا كانت على مدى العصور شعار الفسقة وشربة الخمور، وعشاق الرذيلة. قال القرطبي رحمه الله:" أما المزامير والأوتار والكوبة (الطبل) فلا يختلف في تحريم استماعها، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق، ومهيج الشهوات والفساد والمجون؟! وما كان كذلك لا يُشك في تحريمه ولا تفسيق فاعله وتأثيمه " انتهى نقلا عن "الزواجر عن اقتراف الكبائر"(٢/٣٣٧) .
وقال ابن القيم رحمه الله:" فبينا ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل، وبهجة الإيمان، ووقار الإسلام، وحلاوة القرآن، فإذا استمع الغناء ومال إليه نقص عقله وقل حياؤه، وذهبت مروءته، وفارقه بهاؤه، وتخلى عنه وقاره، وفرح به شيطانه، وشكا إلى الله تعالى إيمانه، وثقل عليه قرآنه ... فاستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه، وأبدى من سره ما كان يكتمه، وانتقل من الوقار والسكينة إلى كثرة الكلام والكذب، والزهزهة والفرقعة بالأصابع، فيميل برأسه، ويهز بمنكبيه، ويضرب الأرض برجليه، ويدق على أم رأسه بيديه، ويثب وثبات الدباب، ويدور دوران الحمار حول الدولاب، ويصفق بيديه تصفيق النسوان، ويخور من الوجد ولا كخوار الثيران، وتارة يتأوه تأوه الحزين، وتارة يزعق زعقات المجانين ... " انتهى من "إغاثة اللهفان"(١/٣٥٣) .
وكل من سمع الموسيقى وأعجب بها، تراه يثقل عليه سماع القرآن، لأن القلب لا يجتمع فيه مزمار الشيطان وقرآن الرحمن.
والحاصل: أن استماع الموسيقى لا يجوز، سواء كانت أثناء المذاكرة أو قبل النوم، وسواء أشغلت عن واجب أو لم تشغل، لكن إذا أشغلت عن واجب كان الإثم أعظم.
وهذا التفصيل الذي ذكرته في سؤالك إنما يصلح لو كان الكلام على الغناء المجرد من الموسيقى، وكان المغني أو المنشد رجلا، فيقال: يجوز سماع هذا النشيد بشرط أن يكون الكلام نظيفا عفيفا، وألا يشغل هذا السماع عن واجب من الواجبات، وألا يكثر الإنسان منه بحيث يتعلق قلبه به، فينصرف عن سماع القرآن.