جوابنا على أمريكي يزعم أن القرآن يبرر أحداث سبتمبر، ويستنكر غضب المسلمين للقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[استخدام القرآن لتبرير مجزرة الـ (٣٠٠٠) شخصاً في ٩ / ١١ / ٢٠٠١ يبدو استعمالا سيئاً، وسوداويّاً للقرآن، أكثر في الحقيقة من خطأ إلقاء القرآن في المراحيض في " غوانتانامو ". ورغم ذلك المسلمون في جميع أنحاء العالم مارسوا الشغب احتجاجاً على واحدة، واحتفلوا بالأخرى. هل يشعر المسلمون أن ٩ / ١١ كانت تفسيراً وتوظيفاً صحيحاً للقرآن؟ . لم تكن هناك احتجاجات عنيفة ضدها كما يوجد مع أي مخالفة أخرى، لماذا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يُنكر أحد ما لوسائل الإعلام الأمريكية من تأثير على شعبها، فمن كان منهم في وعيه، ومستيقظاً من سكرته: فإنه لا يكاد يأخذ أخباره إلا من وسائل الإعلام الكاذبة الموجَّهة نحو تضليله وابتزازه وملء قلبه بالكراهية، وعقله بالأكاذيب، ومن هنا ترى سذاجة واضحة بيِّنة عند كثير من أولئك الذين يدَّعون أنهم يعيشون في بلاد الحرية! والحقيقة أنهم يعيشون في بلاد تحكمها " مافيا " السلاح والبترول، وأنهم استطاعوا وبدهاء من اللعب بعواطف شعبهم الجاهل الساذج تمرير مخططاتهم لملء جيوبهم بمليارات الدولارات، وليس هذا كلامنا فحسب، بل هو كلام العقلاء المطلعين ممن كتمت أصواتهم ومنعوا من الخروج على فضائياتكم المتحكمة في عقولكم وقلوبهم.
فأنت الآن في سؤالك مستاء من " مجزرة " الـ ٣٠٠٠ في بلادك، وتتباكى عليهم، ولو غضضنا الطرف عن علم حكومتك بهذه المجزرة وسكوتها عنها: فلننظر في قلبك ورقتك تجاه ما فعلته دولتك " المارقة " في حق دول وشعوب العالَم، ولكن من يطرح مثل هذا السؤال أنَّى يكون له علم ودراية بما يحاك حوله من مؤامرات تستنزف جيبه لدفع الضرائب لتذهب في نهاية المطاف لجيوب زعماء العصابة الحاكمة؟! .
وإذا أردت أيها السائل الأمريكي أن تعرف جرائم حكومتك فلتقرأ كتاب " ماذا يريد العم سام؟ "، واطمئن فليس هذا الكتاب لرجل مسلم، ولا لمركز دراسات في دولة عربية، ولا لتنظيم سياسي، ولا حزب جهادي، إنه لرجل يهودي! أمريكي! واسمه " نعوم تشومسكي ".
وإليك مقتطفات من هذا الكتاب:
١. قال المؤلف: " أعتقد من وجهة النظر القانونية: أنَّ هناك ما يكفي من الأدلة لاتهام كل الرؤساء الأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بأنهم مجرمو حرب! أو على الأقل: متورطون بدرجة خطيرة في جرائم حرب ".
٢. ويقول: " إنَّ الولايات المتحدة الأمريكية قضت على سكَّانها الأصليين - الهنود الحمر - عبر القرون، واجتاحت نصف المكسيك، وتدخلت بعنف في المنطقة، واحتلت هاواي، وفيتنام، وقامت خلال الخمسين سنة الأخيرة باللجوء إلى القوة، في جميع أنحاء العالم - تقريباً - ".
٣. وبخصوص ما تتباكى عليه من مجزرة سبتمبر يقول:
" لا يمكن اعتبار " الولايات المتحدة " ضحية بريئة إلا إذا تجاهلنا لائحة أفعالها، وأفعال حلفائها، علينا أن نُعير اهتماماً أكبر لما نفعل في العالم، علينا أن نتساءل: لماذا حصل لنا ما حصل؟ ".
فهل سألتَ نفسك لم حصل معكم ما حصل، كما تساءل مفكركم الأمريكي اليهودي؟! .
ثانياً:
لسنا نسوغ لأحد فعلته، ولكننا نريد لفت نظرك إلى ما هو أهم من التباكي الذي تحسنه النساء أكثر من الرجال، ونريد أن نرفع عن عينك الغشاوة التي تمنعك من رؤية الحق.
هل تعرف أنكم قمتم وتسببتم بعد تلك الحادثة بقتل مئات الآلاف من الناس، وأنكم دمرتم دولتين، وشردتم شعبيهما؟ وهل تعلم أنكم قمتم وتسببتم بسجن الآلاف وتعذيبهم في بلادكم وبلاد غيركم؟ هل تعلم أنكم استنزفتم ثروات البلاد التي احتللتموها، وأن تلك الثروات راحت لجيوب العصابة الحاكمة؟! وأما قتل ٣٠٠٠ في بلادكم فإنه كان يجب عليك أن ترى الفرحة قد عمَّت أرجاء الأرض – وليس فقط في بلاد المسلمين – لا شماتة في موت أولئك، بل تعبيراً عن فرح شعوب مقهورة جراء سياسة بلادك التي سببت لهم الآلام، وفي إحصائيات صدرت من مؤسساتكم فإنه يقتل في العراق وحدها ٣٠٠٠ شخص شهريّاً منذ بداية غزوكم لها! فأين تباكيكم على أولئك القتلى؟! ولا تقل إنها حكومتنا، بل حتى شعبكم أثَّرت فيه دعاية إعلامكم المضلل، وأكاذيب إدارتكم الحاكمة، وهو الذي راح يصفق للإدارة في حربها على أفغانستان والعراق، وهو لا يدري ما يحاك له من مؤامرات، ولا ما يُسوَّق له من أكاذيب.
هل تريد أن تعرف المزيد عن جرائم الإدارات الحاكمة لبلدك؟ حسناً، لن نحيلك على مصادرنا، ولا مصادر أحد من أعدائكم، بل سنحيلك على كاتب أمريكي آخر! أتدري ما اسم كتابه الذي فضح دولتك، وأظهر فسادها وإفسادها في العالَم؟ اسمه " الدولة المارقة "! ومؤلفه: أمريكي يدعى " وليام بلوم ".
وإليك مقتطفات من هذا الكتاب:
١. قال المؤلف على الغلاف الأخير من كتابه: " الكتاب الذي لا يريد لكم الأقوياء أن تقرأوه "! .
٢. ويقول في المقدمة: " لو كنت رئيساً: فإنني سأوقف منذ الأيام الأولى العمليات الإرهابية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، أولاً: سأقدم اعتذاري لكل الأرامل، واليتامى، والأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب، ولأولئك اذين كان الفقر نصيبهم، ولملايين الضحايا الآخرين للإمبريالية الأمريكية، بعد ذلك سأعلن في الجهات الأربع للعالم بأن التدخل الأمريكي في دول العالم قد انتهى بشكل نهائي، وسأخبر " إسرائيل " بأنها لم تعد أبداً الولاية الواحدة والخمسين من الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما مجرد دولة أجنبية، بعد ذلك: سأقلص من الميزانية العسكرية بنسبة ٩٠ % على الأقل، محولاً الفائض إلى الضحايا كتعويضات، وسيكون ذلك فوق حد الكفاية، فالميزانية العسكرية السنوية التي تقدر بـ ٣٣٠ مليار دولار، تعني أكثر من ١٨٠٠٠ دولاراً للساعة الواحدة منذ ميلاد المسيح إلى اليوم! هذا ما سأقوم به في الأيام الثلاثة الأولى، وفي اليوم الرابع: سأتعرض للاغتيال ".
٣. وحول أحداث سبتمبر يقول: " بالنسبة لغالبية الأمريكيين: فإنه يصعب كثيراً قبول الفكرة التي تقول بأن العمليات الإرهابية ضد الولايات المتحدة يمكن اعتبارها بمثابة انتقام متلاحق من السياسة الخارجية الأمريكية، فهم يعتقدون أن الولايات المتحدة مستهدفة بسبب حريتها، وديمقراطيتها، وثرائها، وهذا هو الخطاب الرسمي الذي تنشره إدارة بوش، تماماً كما كان يفعل سابقوه بعد كل عملية من هذا النوع ".
ولن نطيل بذِكر الجرائم والقتل والتدمير والانقلابات التي فعلتها دولتك، والتي وثقت في هذا الكتاب، فيكفيك أن ترجع له لتقرأه، وبعدها لعله يتغير حالك وتتغير نظرتك للعالَم.
ثالثاً:
ليس " القرآن " من قال لمن فجَّر البرجين إن عليه فعل ذلك، ومن زعم ذلك فهو فهم فهمه منه يخالف فيه علماء أمة الإسلام قاطبة، لكننا رأينا قادتك ورؤساءك هم من يقول إن " الله " أمرهم بالقتل والغزو والتدمير! :
١. ورد في برنامج وثائقي من إصدار هيئة الإذاعة البريطانية! بعنوان " السلام المراوغ، إسرائيل والعرب " نقلاً عمَّن سمع رئيسكم: " الرئيس بوش أبلغنا جميعاً أنه مكلف بمهمة من الرب! وأن الرب طلب منه محاربة هؤلاء الإرهابيين في أفغانستان "! .
وقال: " ولقد فعلت ذلك، ثم قال لي الرب: يا جورج! اذهب واقضِ على الطغيان في العراق، وقد فعلت ذلك ".
٢. وقال " ألبرت بيفريدج " ممثِّل ولاية " إنديانا " في مجلس الشيوخ الأمريكي: " لقد جعل الله منَّا أساتذة العالم! كي نتمكن من نشر النظام حيث تكون الفوضى، وجعلنا جديرين بالحكم لكي نتمكن من إدارة الشعوب البربرية الهرمة، وبدون هذه القوة ستعمُّ العالم مرَّة أخرى البربرية والظلام، وقد اختار الله الشعب الأمريكي دون سائر الأجناس كشعب مختار! يقود العالم أخيراً إلى تجديد ذاته ".
ولعل قادتك يدعون أيضاً أن الرب هو الذي أمرهم بالسجن والتعذيب وهتك الأعراض وسلب حقوق الإنسانية لمن هم في قبضة " جيش الرب "! فهل يرضى الرب عن أفعال أولئك؟ وهل هذا يعتبر تخليّاً عما نسبتموه للمسيح عليه السلام: " من ضربك على خدِّك الأيمن فأدر له خدَّك الأيسر "! فصار الشعار عندكم الآن " من خطر بذهنه يوماً من الدهر أن يضربكم فأبيدوهم ولا تبقوا منهم أحداً " كما فعلتم في " هيروشيما " و " ناجازاكي "، و " أفغانستان " و " العراق " وغيرها، والقائمة حسب اعترافكم تشمل ستين دولة! .
وأما من قام بتفجير البرجين وغيرها من الأعمال فإن كلمة العلماء تكاد تتفق على إنكار هذا الفعل على من فعله، وإن أردتم محاسبة أحد على قتلاكم فحاسبوا من أوقد شعلة هذه الحرب ومن ذكَّاها، ولا تنس أنك تتبع ديناً كان يدين به " هتلر "! واتخذ من الصليل شعارا له! .
رابعاً:
لا ندري ما الذي يسوؤك من قيام المسلمين في أرجاء الأرض غضبة لكتابهم المقدَّس أن يدنسه حثالة من البشر؟! وإذا كنتم أنتم لا تأبهون بمن أهان " طبعات " كتبكم المقدسة: فهذا لا يكون في ديننا، وما فعله المسلمون يدلُّ على تعظيمهم لربهم تعالى، وتعظيمهم دينهم، وكتابهم المقدَّس المنزَّل من عند الله، وأنتم قتلتم مئات الآلاف من الناس انتقاماً " لكرامتكم "، فكيف تستكثر على المسلمين القيام بمظاهرات تعظيماً لكرامة القرآن ومكانته في قلوبهم؟! وأين ما فعلوه مقارنة مع ما فعلتموه وتفعلونه إلى هذه اللحظة؟! مع العلم أن علماء المسلمين لا يقرون ما حصل في تلك المظاهرات من مخالفات للشرع، حتى لو كانت إتلافاً لشجرة، أو تحطيماً لكرسي! فضلاً عما هو أعظم من هذا.
وفي النهاية:
ندعوك بصدق لأن تتأمل في واقع ما أنت عليه من حال، وكيف أن وسائل إعلامكم قد أضلتك وغررت بك، وكيف أنها ملأت قلبك كراهية وبغضاً، وندعوك لأن تتأمل في دينك الذي وضعت بجانبه في سؤالك " كافر "! ندعوك للإسلام حيث ستجد السعادة، وتتعرف على خالقك الذي أوجدك من عدم، وتترك عبادة البشر وتعبد رب البشر، وحينما ندعوك للإسلام فإننا ندعوك لدين الأنبياء والمرسلين جميعاً، وندعوك للدين الذي ختم الله تعالى به الرسالات، وندعوك للإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والذي سار على طريق إخوانه الأنبياء من قبله، وانظر حولك فيمن دخل هذا الدين العظيم من القادة، والساسة، والعلماء، والمفكرين، والمشهورين، لتعلم أن هؤلاء لم يكونوا ليختاروا ديناً ليس فيه ما يقنعهم أنه الحق، وهؤلاء ليسوا مغفلين، ولا سذجاً، وليس لهم مصلحة شخصية في اعتناقهم للإسلام، إنما هي القناعة، وقد وجدوا فيه ما يسعدهم ويبهج قلوبهم.
١. قال " روبرت ديكسن " رئيس جمعية المحامين الأمريكيين: جابي لمن سألني لماذا أسلمت: هو: أن الإسلام دين التوحيد، والسعادة، والراحة النفسية، والعيشة الهانئة، إذا التزمت به، وطبقت تعاليمه، وهو دين العدل الإلهي.
٢. وقال " يوسف خطَّاب " - المتحول من اليهودية إلى الإسلام - لما سئل لماذا أسلمت؟ : لأن الإسلام دين التوحيد، قرأت عنه كثيراً، وأخيراً اقتنعت بأنه هو السبيل للجنة.
والكلمات كثيرة، ويجمعها أن الإسلام دين الفطرة، والأمن، والسعادة، والأحكام الحكيمة، والأخلاق الرفيعة، ومن رام المقارنة بين الإسلام وغيره من الأديان المحرَّفة، أو الأنظمة والقوانين البشرية: فسيتبين له بجلاء أوجه الاختلاف، وأنه ليس هناك مجال للمقارنة أصلاً.
٣. وتصف " ميري واتسون " - الأمريكية الحاصلة على ثلاث درجات علمية، وبعضها في علم اللاهوت لحظة تسلل نور الإيمان إلى قلبها فتقول: "شعرت في ليلة - وأنا مستلقية على فراشي وكاد النوم يقارب جفوني - بشيء غريب استقر في قلبي، فاعتدلت من فوري، وقلت: يا رب أنا مؤمنة بك وحدك، ونطقت بالشهادة، وشعرت بعدها باطمئنان، وراحة تعم كل بدني، والحمد لله على الإسلام، ولم أندم أبداً على هذا اليوم الذي يعتبر يوم ميلادي" انتهى.
نسأل الله تعالى لك الهداية.
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب