للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسافر للسياحة ويمتنع عن أخذ زوجته معه وعلَّق طلاقها على سفرها! أحكام ونصائح

[السُّؤَالُ]

ـ[زوجي طلق عليَّ بالثلاث إن سافرتِ خارج البلاد فأنتِ طالق، ونيته الطلاق، وهو يسافر سنويّاً للسياحة مع الأصدقاء، ويقول: إن الفساد كثير هناك، وإني رجل غيور، أما هو فهو رجل، وليس هناك مانع من سفره، مع أنه لا يذهب إلا إلى أماكن الطبيعة، ويمنعنا أنا وأولاده من النزهة، حتى في بعض الأحيان هنا في السعودية، ويقول: لا أذهب بكم إلى مواقع الاختلاط، وتعبت من المناقشة معه، ويقول: كل سنة أذهب للسياحة، ولمدة شهر، هل يجوز أن يحرِّم عليَّ ما أحله الله لي من السياحة بالحلال، فهو يذهب متى ما أراد، مع أنه محافظ على الصلاة، وليس في بيتنا " دش "، ولا يسمع الأغاني، هل له أن يتركنا عند أهلي بدون رضاي؟ ماذا أفعل معه؟ ادع لي أن يكشف الله عني وعنه الغفلة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله أولاً: قد بينا في جوابي السؤالين (١١١٩٣٤) و (١٣٣٤٢) أن الذهاب إلى دول الكفر، ودول الفسق والفجور، بقصد السياحة، والنزهة المجردة: أنه محرَّم، فالرجاء التكرم بمراجعتهما. ولا فرق في هذا الحكم بين الرجال والنساء، وذهاب زوجك وحده دونك: لا يعني أنه ينجيك من الفتن، بل إن ذهاب الرجل وحده من غير زوجته يعرضه هو للفتنة، فإن الزوجة تطفئ نار شهوته إن تأججت بما يراه من تبرج وعري في تلك البلاد، فما يعتقده زوجك – وغيره – أن عدم اصطحاب الزوجة إلى تلك البلاد أفضل: غير صحيح. وبكل حال: فإن الحكم عام، يشمل الرجال، والنساء، فلا يجوز لزوجك الذهاب لمثل تلك البلاد، ولا يجوز لك طلب ذلك منه لنفسك، ولا لأولادك؛ لما في ذلك من الحرمة، والتعرض للفتن، ورؤية المنكرات. والذي نوصي به الزوج إن كان يريد الجمع بين السياحة وإرضاء رغبتك بالذهاب معه: أن يختار السياحة الداخلية في بلادكم السعودية، حيث يتوفر الأماكن الملائمة للأسر الملتزمة، والتي لا يوجد فيها من المنكرات ما يوجد في البلاد الأخرى، ولا يحتاج الزوج معه لتصوير زوجته، أو تعريضها لأن يراها الأجانب، إذا كان السفر خارج المملكة. قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -: كما أنصح أولياء أمور الطلبة خاصة بالمحافظة على أبنائهم، وعدم الاستجابة لطلبهم السفر إلى الخارج؛ لما في ذلك من الأضرار، والمفاسد، على دينهم، وأخلاقهم، وبلادهم - كما أسلفنا - , وفي بلادنا - بحمد الله - من التعليم لسائر أنواع العلوم ما يغني عن ذلك , وإن إرشادهم إلى أماكن النزهة، والاصطياف، في بلادنا - وهي كثيرة بحمد الله - والاستغناء بها عن غيرها: مما يتحقق بذلك المطلوب، وتحصل السلامة لشبابنا من الأخطار، والمتاعب، والعواقب الوخيمة، والصعوبات التي يتعرضون لها في البلاد الأجنبية. " فتاوى الشيخ ابن باز " (٤ / ١٩٤) . وثمة أمر آخر: وهو أن يكون قضاء تلك الإجازة للتنقل برّاً بين المحافظات، والمناطق، لزيارة الأرحام، والأقارب، فتجمعون بين المتعة، وصلة الأرحام، وزيارة الأصدقاء. وكنَّا سنوصيكم بما هو خير من ذلك كله، وهو الذهاب للعمرة، مع الزوجة، والأولاد، ولكننا قرأنا في تعريفكم أنكم من " مكة المكرمة " فأغنانا ذلك عن الوصية بهذا، فلعلها تكون وصية لغيركم، ممن يرغب بسياحة مباحة، يكسب فيها الأجور، ويبتعد عن سخط ربه. ونرجو من الزوجة والزوج النظر في جواب السؤال رقم (٨٧٨٤٦) ففيه تفصيل مهم واف في مفهوم السياحة، وأنواعها، وأحكامها. على أننا ننبه أختنا السائلة إلى أنه في حال لم يستجب الزوج لنصيحتنا، وبقي مصرا على سفره، فليس ذلك مما يبيح لكم طلب السفر؛ لأن معصية الزوج ليست عذرا للزوجة في أن تقع في نفس المعصية، والمسألة ليست ديونا تقضى، أو قصاصا بينكما، وإنما هي حرمات الله جل جلاله، ودينه وشرعه؛ فإن أحسن زوجك: فأحسني معه، وإن أساء: فاجتنبي إساءته. ولا تنسي أن زوجك قد علَّق طلاقك على سفرك خارج البلاد، فلعلَّ هذا أن ينفع في عدم الإلحاح عليه بالسفر، والاكتفاء بالسياحة الداخلية؛ خشية وقوع الطلاق، وهي مفسدة تضاف لقائمة المفاسد السابقة في السفر خارج البلاد. ثانياً: وبخصوص تعليق طلاقكِ على سفركِ: فإن الطلاق يقع إن سافرتِ خارج البلاد كما ذكر لك زوجكِ، ولا خلاف بين العلماء في هذه المسألة؛ لأن زوجك نوى الطلاق كما تذكرين. وينظر في بيان هذا: أجوبة الأسئلة: (١٠٤٦١٤) و (٣٩٩٤١) و (٨٢٤٠٠) . وطلاق الثلاث يقع طلقة واحدة. وانظر في ذلك جواب السؤال رقم: (٩٦١٩٤) وليس بمقدوره التراجع عن هذا الطلاق المعلَّق إذا غيَّر رأيه، وأذن لك بالسفر. وينظر في ذلك فتوى اللجنة الدائمة في جواب السؤال رقم: (٤٣٤٨١) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>