للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهبته الدولة أرضاً للانتفاع بها دون بيعها فباع جزء منها فماذا يجب على الورثة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[حصل والدي على منحة عبارة عن أرض استثمارية من الدولة، وليست ملكاً له، قبل ٣٠ عاماً - للعلم في قانون الدولة تصبح الأرض باسم والدي، ولكن متى أرادت الدولة استردادها تستردها، وهناك عقد يجدد كل ٣٠ عاماً -، وبعد ١٥ سنة تقريباً من المنحة باع والدي نصف الأرض لشخص آخر، والشخص الآخر يعلم بأن الأرض هي منحة، ولا يسمح في قانون الدولة أن تباع أو تؤجر، وبعدها توفي والدي في عام ٢٠٠٢ م، وفي هذا العام ينتهي العقد القديم، ويجب تحديثه، وقد تم نقل اسم الأرض من اسم والدي إلى اسم الورثة بعد وفاته، والآن الورثة يريدون أن يعلموا: هل للطرف الآخر حق في هذه الأرض أم يلغى عقد البيع؟ مع العلم أنه عندما سأل إخوتي – أي: الطرف الآخر – قال: إنه حتى لو تم تبديل الأرض بأرض أخرى فهو له الحق بها، وهل هناك إثم على والدي لأنه باع مع علمه أنه لا يجوز بيعها؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لم يكن لوالدكم الحق في أن يتصرف في الأرض، ولا بجزء منها، بيعاً، ولا تأجيراً، كما ذكرتم أنه قانون الدولة، ولم يكن يحل له مخالفته؛ لأنهم أذنوا له بالانتفاع بالأرض دون تملكها، والبيع والتأجير فرع عن التملك.

والأصل وجوب الالتزام بالشرط الذي بينه وبين الدولة، حيث مكَّنته من الانتفاع بها دون بيعها أو تأجيرها، وهو شرط مُلزم.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم) رواه أبو داود (٣٥٩٤) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

وفي " الموسوعة الفقهية " (٣٥ / ٢٣٨) :

"قد يُلزم الإنسان نفسه بأمرٍ، فيلزمه ذلك شرعاً، إن لم يخالف الشّرع , بمعنى: أنّ الشّرع جعل التزامه سبباً للزوم , ومن ذلك:

أ. العقد , فإذا عقدا بينهما عقداً: لزمهما حكمه , كعقد البيع مثلاً، يلزم به انتقال ملكيّة المبيع إلى المشتري , وملكيّة الثّمن إلى البائع , وكعقد الإجارة يلزم به الأجير العمل , ويلزم المستأجر الأجرة.

ومن هذا القبيل أيضاً: كل شرطٍ صحيحٍ التزمه العاقد في العقد , فيلزمه؛ وذلك لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) , وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) " انتهى.

وإذا كان المشتري يعلم أنها ليست ملكاً لوالدكم – كما ذكرتم – فلا يجوز له شراؤها.

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع أنها مسروقة، أو مغصوبة، أو أن مَن يعرضها لا يملكها ملكاً شرعيّاً، وليس وكيلاً في بيعها: فإنه يحرم عليه أن يشتريها؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي؛ ولما في ذلك من ظلم الناس، وإقرار المنكر، ومشاركة صاحبها في الإثم، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/ ٢" انتهى.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٣ / ٨٢) .

وأما بالنسبة لما وقع، وكيفية إنهاء هذا النزاع، فيرجع في ذلك إلى القضاء، لأن الحكم في مثل هذا النزاع يحتاج إلى معرفة تفاصيل ما وقع، ومعرفة تفاصيل القانون الذي به تعطي الدولة لبعض مواطنيها هذه المنحة.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>