هل كان داود عليه السلام يستعمل المزمار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسأل عن الأغاني ما حكمها حسب كلامي. أن في صوت تغريد العصفور موسيقى وفي صوت الماء والشلالات (المياه الساقطة) والمطر موسيقى وفي صوت الرياح موسيقى فكيف نستطيع أن لا نسمعها، ثم إن النبي داوود عليه الصلاة والسلام كان يستغفر بالمزامير ثم إني لا أتحدث عن الأغاني التي تثير الشهوة أو الصاخبة إني أتكلم عن الموسيقى الهادية والكلام العادي أرجو من حضرتكم الرد علي بوضوح]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق بيان تحريم استماع الموسيقى، وأدلة ذلك في جواب السؤال رقم (٥٠٠٠) ، كما سبق بيان بطلان قياس الموسيقى على صوت العصافير أو صوت خرير الماء في الجواب رقم (٩٦٢١٩)
والقول بأن داود عليه السلام كان يستغفر بالمزامير، قول لا أصل له، وإنما المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري: (لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ) رواه البخاري (٥٠٤٨) ومسلم (٧٩٣) .
أنه حسن الصوت، فشبّه حسن صوته بصوت المزمار.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ: (أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِير آلِ دَاوُدَ) قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد بِالْمِزْمَارِ هُنَا الصَّوْت الْحَسَن , وَأَصْل الزَّمْر الْغِنَاء , وَآلُ دَاوُدَ هُوَ دَاوُدُ نَفْسه , وَآلُ فُلَان قَدْ يُطْلَق عَلَى نَفْسه , وَكَانَ دَاوُدُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَن الصَّوْت جِدًّا " انتهى.
وقال العراقي في "طرح التثريب" (٣/١٠٥) : " والمراد بالمزمار هنا: الصوت الحسن، وأصله الآلة التي يزمر بها، شبّه حسن صوته وحلاوة نغمته بصوت المزمار ... وقد كان إليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة " انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": " وَالْمُرَاد بِالْمِزْمَارِ الصَّوْت الْحَسَن , وَأَصْله الْآلَة أُطْلِقَ اِسْمه عَلَى الصَّوْت لِلْمُشَابَهَةِ " انتهى.
وهذا كقول أبي بكر رضي الله عنه عن الغناء إنه مزمار الشيطان، كما روى البخاري (٣٩٣١) ومسلم (٨٩٢) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاذَفَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ! مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا الْيَوْمُ) .
ولم يكن مع الجاريتين مزمار، ولكنه رضي الله عنه سمى الغناء مزمار الشيطان، وشبهه به في القبح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب