للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يتيمم أيام البرد الشديد من الجنابة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل أستطيع أن أصلي وأنا على جنابة بالتيمم أيام البرد الشديد، علما بأنه لا تتوفر لدي الإمكانيات التي تستوجب مني التطهر فوراً، كما أنى مريض بالبرد الذي أصاب ظهري وهو يؤثر علي كثيراً؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الواجب على من أصابته جنابة وأراد الصلاة أن يغتسل بالماء؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) ، فإن عجز عن استعمال الماء لكونه غير موجود، أو وجده وكان في استعماله ضرر لمرضه، أو لشدة البرد - وليس عنده ما يسخنه به -: فإنه يعدل عن الاغتسال بالماء إلى التيمم بالتراب؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) ففي الآية دليل على أن المريض الذي يضره استعمال الماء كأن يؤدي الاغتسال إلى الموت أو زيادة المرض أو تأخير شفائه أنه يتيمم , وقد بيَّن الله تعالى كيفية التيمم فقال: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) وبيَّن حكمة هذا التشريع فقال: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة / ٦.

وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة " ذات السلاسل " فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) النساء/٢٩، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً.

رواه أبو داود (٣٣٤) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان لأجل برد أو غيره، وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين.

" فتح الباري " (١ / ٤٥٤) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

إن كنت تستطيع أن تجد ماء دافئا أو تستطيع تسخين البارد، أو الشراء من جيرانك أو غير جيرانك: فالواجب عليك أن تعمل ذلك؛ لأن الله يقول: (فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم) ، فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء أو التسخين أو غيرهما من الطرق التي تمكنك من الوضوء الشرعي بالماء، فإن عجزت وكان البرد شديداً، وفيه خطر عليك، ولا حيلة لك بتسخينه ولا شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك: فأنت معذور، ويكفيك التيمم؛ لقول الله تعالى: (فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم) وقوله سبحانه: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) .

والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء.

" مجموع فتاوى ابن باز" (١٠/١٩٩، ٢٠٠) .

وعليك أن تغسل ما تستطيع غسله من بدنك , كأن تغسل اليدين والرجلين وما أشبه ذلك. إذا لم يكن في هذا ضرر عليك , ثم تتيمم.

ونسأل الله لك الشفاء العاجل، وأن يجعل ما أصابك كفارة لك ورفعا لدرجاتك.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>