للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان مترددا في استمرار الزواج عند عقد النكاح

[السُّؤَالُ]

ـ[كان لدي تردد شديد أيام خطوبتي، ولظروف السفر استعجلت العقد، وبعد تحديد يوم العقد والاتفاق مع أهل زوجتي ودعوة الناس تجدد التردد لدي، وطلبت من زوجتي إلغاء العقد، ولكن الوقت كان غير مناسب، وذهبت للعقد وأنا مضطر، ونويت أن أتم العقد الآن، وبعد السفر أقرر أن أكمل معها أو أنفصل رسميا. ولكن بعدما سافرت اشتقت لها جداً وشعرت بقيمة من ارتبطت بها، ونزلت بعد سنة، وتم البناء. فهل الرضا شرط في صحة العقد حيث لم أكن راضيا عند العقد، وكنت مترددا وخائفا من المستقبل، ولكن عند البناء كنت راضيا، أرجو إفادتي.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله:

الحيرة والشك وعدم القناعة التامة لا تأثير لها في صحة عقد النكاح، إذا توفرت فيه أركانه وشروطه من اللفظ القائم على الإيجاب من ولي المرأة والقبول من الزوج، ووجود الشهود.

وينظر جواب السؤال (٢١٢٧) .

والرضا أمر قلبي لا يمكن الاستدلال عليه إلا باللفظ أو الفعل الدال على ذلك، والأحكام إنما تُبنى على الظاهر، وبما أنك قد أتممت عقد النكاح ولم يصدر منك ما يدل على عدم الرضا، فهو عقد صحيح.

ولا عبرة بما كان في نفسك من تردد في استمراره بعد ذلك أو لا.

قال ابْنُ الْقَيِّمِ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ الأَْلْفَاظَ بَيْنَ عِبَادِهِ تَعْرِيفًا وَدَلَالَةً عَلَى مَا فِي نُفُوسِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ مِنَ الآْخَرِ شَيْئًا عَرَّفَهُ بِمُرَادِهِ وَمَا فِي نَفْسِهِ بِلَفْظِهِ، وَرَتَّبَ عَلَى تِلْكَ الإِْرَادَاتِ وَالْمَقَاصِدِ أَحْكَامَهَا بِوَاسِطَةِ الأَْلْفَاظِ.

وَلَمْ يُرَتِّبْ تِلْكَ الأَْحْكَامَ عَلَى مُجَرَّدِ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةِ فِعْلٍ، أَوْ قَوْلٍ، وَلَا عَلَى مُجَرَّدِ أَلْفَاظٍ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَا لَمْ يُرِدْ مَعَانِيَهَا وَلَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا، بَل تَجَاوَزَ لِلأُْمَّةِ عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَل، أَوْ تُكَلِّمْ بِهِ.

فَإِذَا اجْتَمَعَ الْقَصْدُ وَالدَّلَالَةُ الْقَوْلِيَّةُ أَوِ الْفِعْلِيَّةُ: تَرَتَّبَ الْحُكْمُ، هَذِهِ قَاعِدَةُ الشَّرِيعَةِ، وَهِيَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَدْل اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَإِنَّ خَوَاطِرَ الْقُلُوبِ وَإِرَادَةَ النُّفُوسِ لَا تَدْخُل تَحْتَ الاِخْتِيَارِ ".

انتهى من " إعلام الموقعين" (٣ /١٠٥) .

ثم إنك ذكرت أنك نويت أن تتم العقد ثم بعد السفر تقرر، هل تكمل معها أم لا؟ وهذا معناه أنك رضيت بإتمام العقد.

فالحاصل: أن العقد صحيح، ولا يؤثر فيه ترددك في استمرار العلاقة في المستقبل.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>