هل الزوجة في الجنة ملزمة بطاعة زوجها والعيش مع زوجاته!!
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ينطبق على المرأة في الجنة نفس أحكام الدنيا من وجوب طاعة زوجها والعيش مع بقية زوجاته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا تقاس الحياة الآخرة على الحياة الدنيا، لتمام المفارقة، وشدة تباين أحوال الدارين، وقد روى البخاري (٣٢٤٤) ومسلم (٢٨٢٤) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: (أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ) فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) .
ولا يدخل أهل الجنة الجنة حتى يهذبوا وينقوا، وينزع الله عن صدورهم الغل، كما قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) الحجر/٤٧.
وروى البخاري (٦٥٣٥) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ) .
فإذا دخلوا الجنة فلا وجود لشيء من منغصات الحياة.
وإذا دخل المؤمن الجنة، وكان له فيها ما شاء الله من الحور العين، فلا معنى للتساؤل عن غيرة الزوجات، أو نشوز الزوجة، أو ظلم الزوج، وقد روى مسلم (٢٨٣٦) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ) .
وروى مسلم أيضا (٢٨٣٨) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُهَا سِتُّونَ مِيلًا، لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُ، فَلَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا) .
فانظري إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (فَلَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا) مع أنهم في خيمة واحدة، وذلك زيادة في النعيم، وإبعادا عن أسباب الغيرة.
فلا مجال لكدر العيش ولا تنغيصه، ولا وجود لأسباب تقتضي ما كانت تقتضيه في الدنيا من الغيرة ونحوها.
والجنة دار نعيم وجزاء، ليست بدار تكليف وابتلاء، فليس في الجنة تكليف بطاعة أحد، أو إلزام بفعل ما، وإنما فيها النعيم الذي لا ينقطع، يتقلب فيه أهلها بكرة وعشيا.
وقد مَنَّ الله تعالى على أهل الجنة بغلمان مخلَّدين يخدمونهم، فلا يحتاج أحد من أهل الجنة إلى خدمة زوجته أو ابنه أو غيرهما، ولا وجود لتلك المهام المعيشية التي لا بد فيها من الخدمة، كالعجن والخبز ... الخ.
فإذا دخل أهل الجنة الجنة فلا تعب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، وإنما هو النعيم المقيم، نسأل الله تعالى أن نكون من أهلها.
ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم: (٢٥٨٤٣) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب