لم ينفرد عمر بن الخطاب بمعرفة آية الرجم
[السُّؤَالُ]
ـ[في صحيح البخاري في باب الأحكام أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لولا أن يقول الناس عن آية الرجم لكتبتها بيدي) لماذا لا يعلم هذه الآية سوى عمر؟ وكيف نحاجج من يسأل ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
روى البخاري (٦٨٣٠) ومسلم (١٦٩١) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب صعد المنبر فخطب الجمعة، وكان مما قال رضي الله عنه فقال: (إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا، وَعَقَلْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوْ الِاعْتِرَافُ) . زاد أبو داود (٤٤١٨) : (وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَكَتَبْتُهَا) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه في عدة مواضع: (٦٨٢٩) و (٦٨٣٠) في كتاب الحدود. و (٧٦٢٦) في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، وليس فيها اللفظ الوارد في السؤال (لولا أن يقول الناس.......إلخ) .
وقد ذكرها البخاري في كتاب الأحكام معلقة، بلا إسناد: قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي.
ومثل هذا لا يقال فيه: رواه البخاري في صحيحه، إلا أن يقال مع ذلك: إنه رواه معلقاً، فيقال: رواه البخاري معلقاً.
وقد رواها أبو داود موصولةً وصححه الألباني كما سبق.
ثانياً:
يجاب على من يسألون: لماذا لم يعلم هذه الآية سوى عمر؟
بأن يقال: لم ينفرد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمعرفة هذه الآية، فقد ورد عن جماعة من الصحابة إثباتها.
روى ابن ماجه (١٩٤٤) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد نزلت آية الرجم، وكانت في صحيفة تحت سريري) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وروى الإمام أحمد (١٢١٤) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إثباتها، غير أن إسناده ضعيف.
وذكر الحافظ في "فتح الباري" أنه ورد إثبات هذه الآية عن أبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما.
وقد أثبت عمر رضي الله عنه هذه الآية على المنبر في خطبة الجمعة، وكان حاضراً في تلك الخطبة علماء الصحابة وفقهاؤهم وكبراؤهم، وأقروه على إثبات هذه الآية، ولم ينكر عليه أحد منهم، فكيف يقال بعد ذلك: إنها لم يعلمها غير عمر؟!
ثالثاً:
آية الرجم مما يذكره العلماء في "أصول الفقه" من مبحث "النسخ" أنها مما نسخ لفظه وبقي حكمه، فلم تَعُدْ أية من القرآن الكريم، ولكن حكمها باقٍ لم ينسخ، ولعل هذا هو السبب الذي جعل عمر رضي الله عنه لا يكتبها في المصحف، لأنها لما نسخت تلاوتها لم تَعُدْ من القرآن فلا يجوز أن تكتب فيه.
وانظر: "المنتقي شرح الموطأ" حديث رقم (١٥٦٠) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب