للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يفتح محلاً للحجامة بأجرة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز أن أفتح محلاً للحجامة، وآخذ من الناس أجرة على ذلك؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

اختلف الفقهاء في كسب الحجام، هل هو مكروه، أم مباح من غير كراهة، وسبب اختلافهم في ذلك هو اختلافهم في فَهْم الأحاديث الواردة في ذلك , فمما جاء في كراهية كسب الحجام:

١- قوله صلى الله عليه وسلم: (كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ) رواه مسلم (١٥٦٨) .

٢- وقوله صلى الله عليه وسلم: (شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيِّ وَثَمَنُ الْكَلْبِ وَكَسْبُ الْحَجَّامِ) رواه مسلم (١٥٦٨) .

٣ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ) رواه أحمد (٧٦٣٥) والنسائي (٤٦٧٣) وابن ماجه (٢١٦٥) وصححه الألباني في صحيح النسائي.

ومما جاء في الرخصة في ذلك:

١ - ما رواه البخاري (٢١٠٢) ومسلم (١٥٧٧) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ) .

٢ - ما رواه البخاري (٢١٠٣) ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ) هذا لفظ البخاري، وله أيضا (٢٢٧٨) : (وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِه) . وعند مسلم (١٢٠٢) : (وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) .

وقد ذهب جمهور العلماء إلى الجمع بين هذه الأحاديث بحمل النهي على الكراهة.

قال ابن قدامة رحمه الله: " ويجوز أن يستأجر حجاما ليحجمه , وأجره مباح، وهذا اختيار أبي الخطاب، وهذا قول ابن عباس. وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وقال القاضي [أي: أبو يعلى من الحنابلة] : لا يباح أجر الحجام، وذكر أن أحمد نص عليه في مواضع وقال: أُعطي شيئا من غير عقد ولا شرط فله أخذه ويصرفه في علف دوابه وطعمة عبيده ومؤنة صناعته ولا يحل له أكله، وممن كره كسب الحجام عثمان وأبو هريرة والحسن والنخعي وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كسب الحجام خبيث) رواه مسلم وقال عن أجرة الحجام: (أطعمه ناضحك (أي: البعير) ورقيقك) رواه أحمد والترمذي (١٢٧٧) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

ويدل على أنه مباح وليس حراماً: ما روى ابن عباس قال: (احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ولو علمه حراما لم يعطه) متفق عليه. وفي لفظ: (لو علمه خبيثا لم يعطه) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في كسب الحجام: (أطعمه رقيقك) دليل على إباحة كسبه؛ إذ غير جائز أن يُطعم رقيقه ما يحرم أكله، فإن الرقيق آدميون يحرم عليهم ما حرمه الله تعالى كما يحرم على الأحرار، وتسميته كسبا خبيثا لا يلزم منه التحريم فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحتهما.

وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر تنزيها لدناءة هذه الصناعة. وأمرُه صلى الله عليه وسلم بإطعام الرقيق منها دليل على الإباحة، فيتعين حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم " انتهى من "المغني" (٦/١٣٣) باختصار وتصرف.

وعلى هذا فلا حرج عليك في فتح هذا المحل، والأجرة المأخوذة من الناس على ذلك ليست حراماً.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>