للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحب أبا سعيد الخدري وأبا هريرة فوق محبته للخلفاء الراشدين

[السُّؤَالُ]

ـ[من بين أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري وأحبه حبا جما، وهذا والله لا دخل لي في حبه، فقط من تواتر واستمرار قراءتي للأحاديث النبوية يميل قلبي كثيرا له ويأتي الدور الثاني لأبي هريرة ومن بعد الخلفاء الراشدون وسؤالي ما حكم ما أقوم به من تفضيل صحابي على آخر؟ وجزاكم الله تعالى كل خير.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

حب الصحابة رضي الله عنهم دين وإيمان وإحسان، كما قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة: " ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم. ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم. ولا نذكرهم إلا بخير. وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان " انتهى.

والصحابة متفاضلون، وأفضلهم الخلفاء الأربعة، ثم العشرة المبشرون بالجنة، ثم أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم، هذا ما عليه أهل السنة والجماعة.

قال الذهبي رحمه الله: " تواتر عن علي رضي الله عنه أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر؛ وخيرهم بعد أبى بكر عمر، انتهى؛ ثم بعد هؤلاء الأربعة في الفضلية، عند أهل السنة: الستة، بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم بقية الصحابة، رضي الله عنهم " انتهى نقلا عن "الدر السنية" (١/٢٠٣) .

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: " والصحابة يتفاضلون، فأفضلهم الخلفاء الراشدون الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عن الجميع، الذين قال فيهم النبي عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" ثم باقي العشرة المبشرين بالجنة وهم: أبو عبيدة عامر بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنهم.

ثم أهل بدر ثم أهل بيعة الرضوان، قال تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) الفتح/١٨.

ثم الذين آمنوا وجاهدوا قبل الفتح، فهم أفضل من الصحابة الذين آمنوا وجاهدوا بعد الفتح، قال تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) الحديد/١٠، والمراد بالفتح: صلح الحديبية.

ثم المهاجرون عموماً، ثم الأنصار؛ لأن الله قدّم المهاجرين على الأنصار في القرآن، قال سبحانه: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) التوبة/١٠٠، وقال سبحانه: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الحشر/٨، وهؤلاء هم المهاجرون.

ثم قال سبحانه في الأنصار: (وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر/٩.

فقدّم المهاجرين وأعمالهم على الأنصار وأعمالهم، مما دل على أن المهاجرين أفضل؛ لأنهم تركوا أوطانهم وأموالهم وهاجروا في سبيل الله، فدل على صدق إيمانهم، فجميع الصحابة يجب حبهم وموالاتهم " انتهى من "شرح الطحاوية".

وكونك تحب الصحابي الجليل أبا سعيد الخدري رضي الله عنه حبا جما كما ذكرت، لا حرج فيه، لكن لا تعتقد أفضليته على الخلفاء الراشدين والعشرة.

وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه ممن شهد غزوة الخندق ثم بيعة الرضوان، وهو أنصاري رضي الله عنه.

قال عنه الذهبي رحمه الله: " الإمام المجاهد، مفتي المدينة " وقال:" كان أحد الفقهاء المجتهدين " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (٣/١٦٨) .

وننصحك أخي الكريم بمطالعة سير الصحابة وأخبارهم، وما ورد في السنة من فضائلهم، وأن تعيش مع ذلك طويلاً، لاسيما سيرة الخلفاء الراشدين، ومناقبهم، فإنك لو قرأت ذلك لأحببتهم أعظم من حبك لأبي سعيد ولأبي هريرة، فإن هؤلاء خيار الأمة، وسادة الصحابة، وصفوة الخلق بعد الأنبياء، اختارهم الله تعالى ليكونوا أقرب الناس إلى نبيه وخليله محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم جاهد نفسك أن تكون محبتك وهواك تبعاً لما جاء به الشرع وصحّت به السنة، وشهد له التاريخ، وقد جعل الله لكل شيء قدراً!!

نسأل الله أن يزيدنا وإياك حبا لنبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأن يثبتنا على طريقهم، ويحشرنا معهم، بمنه وكرمه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>