يسأل عن أحاديث ضعيفة وموضوعة في الترهيب من الظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل هذه الأحاديث صحيحة؛ لأن معي موضوعا عن الظلم، وأريد أن أكتب هذه الأحاديث. وجزاكم الله خيرا. ١- عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوحى الله تعالى إليّ: يا أخا المرسلين! يا أخا المنذرين! أنذر قومك فلا يدخلوا بيتا من بيوتي ولأحد من عبادي عند أحد منهم مظلمة , فإني ألعنه ما دام قائما يصلي بين يدي حتى يرد تلك الظلامة إلى أهلها، فأكون سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويكون من أوليائي وأصفيائي، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في الجنة) ٢- عن على رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إياك ودعوة المظلوم فإنما يسأل الله تعالى حقه) ٣- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد ظُلم فشخص ببصره إلى السماء إلا قال الله عز وجل: لبيك عبدي حقا، لأنصرنك ولو بعد حين) ٤- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله تعالى: اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد له ناصرا غيري) ]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ننقل هنا أحكام العلماء على هذه الأحاديث باختصار، وحاصل ذلك كله أن الأحاديث الواردة في السؤال جميعها مردودة غير مقبولة، منها الضعيف، ومنها الموضوع والذي لا أصل له.
ومن أراد الوقوف على الأحاديث الصحيحة في هذا الموضوع، فعليه بكتاب:
١- " رياض الصالحين " للإمام النووي: " باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم ".
٢-وكتاب: " الترغيب والترهيب " للإمام المنذري بتحقيق الشيخ الألباني (٣/١٢٧) : " باب الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله والترغيب في نصرته ".
الحديث الأول:
عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أوحى الله تعالى إليّ: يا أخا المرسلين! يا أخا المنذرين ... )
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
" ضعيف، أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (٦/١١٦) : حدثنا سليمان بن أحمد: ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن رزيق: ثنا أبو اليمان: ثنا الأوزاعي: حدثني عبدة: حدثني زر بن حبيش قال: سمعت حذيفة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره. وقال: " غريب من حديث الأوزاعي عن عبدة، ورواه علي بن معبد عن إسحاق بن أبي يحيى العكي عن الأوزاعي ... به ".
قلت – أي الشيخ الألباني -: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات مترجمون في " التهذيب "، إلا شيخ أبي نعيم سليمان بن أحمد وهو الحافظ الطبراني صاحب " المعاجم الثلاثة "، وهو أشهر من أن يذكر، وإلا إسحاق بن إبراهيم بن زريق. فإني جهدت في أن أجد له ترجمة فلم أوفق. ثم بدا لي شيء وهو أن جده: (زريق) ... محرف من (زبريق) ، وأنه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء المصري، فإنه يعرف بـ: (ابن زبريق) ، وهو من هذه الطبقة، وقد مضى له حديث برقم (٧٥٨) من رواية الطبراني بواسطة آخر له عنه: ثنا عمرو بن الحارث ... فإذا كان هو هذا، فهو ضعيف جداً - كما بينت هناك -، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم كثيراً، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب "، ولعله قد خفي حاله على الحافظ ابن رجب الحنبلي، فقال في " جامع العلوم والحكم " (ص ٢٦١) - بعد أن عزاه للطبراني -: " وهذا إسناد جيد، وهو غريب جداً ". ولم أجد من عزاه للطبراني، ولا هو في شيء من " معجمه الثلاثة "، فلعله في بعض كتبه الأخرى مثل " مسند الشاميين " فليراجع، فإن يدي لا تطوله الآن، وليس هو في المجلدين المطبوعين بتحقيق أخينا عبد المجيد السلفي فرج الله عنه كربه. وأما إسحاق بن أبي يحيى العكي: فلم أعرفه " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (حديث رقم/٦٣٠٨) .
وقد خرج الشيخ طارق عوض الله هذا الحديث، وجزم أنه: ابن زبريق، قال: " وابن زبريق هذا ليس بشيء، لا تقوم بحديثه الحجة ". ثم ذكر أن صواب الاسم الأخير: إسحاق بن أبي يحي الكعبي. قال: " والكعبي هذا هالك، كما في الميزان واللسان " انتهى.
انظر: جامع العلوم والحكم، لابن رجب، تحقيق الشيخ طارق عوض الله (٢/٣٦٠، هـ١) .
الحديث الثاني:
عن على رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(إياك ودعوة المظلوم فإنما يسأل الله تعالى حقه)
رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٩/٣٠١-٣٠٢) والبيهقي في " شعب الإيمان " (٩/٥٣٣) ، من طريق صالح بن حسان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياك ودعوة المظلوم، فإنما يسأل الله حقه، وإن الله لا يمنع ذا حق حقه)
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب صالح بن حسان، فهو متروك متفق على نكارة حديثه وشدة ضعفه. انظر: " تهذيب التهذيب " (٤/٣٨٥) .
والحديث ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة"، رقم (١٦٩٧) .
الحديث الثالث:
(ما من عبد ظُلم فشخص ببصره إلى السماء ... )
لم نجده في كتب السنة والآثار، وإنما تنقله بعض كتب الأدب، أحيانا مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأحيانا من كلام بعض التابعين، ككتاب " نهاية الأرب " للنويري (٦/٣٧) ، وكتاب: " المستطرف " (١/٢٣٣) ، فلا يجوز التحديث به، كما تحرم نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يوقف له على إسناد ثابت إليه.
الحديث الرابع:
(يقول الله تعالى: اشتد غضبي على مَن ظَلَمَ مَن لا يجد له ناصرا غيري)
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
" (يقول الله عز وجل: اشتد غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري)
ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في " الأوسط " (١/١١١/٢٢٢٨) ، و " الصغير " (رقم ٧١٨ – الروض النضير) ، ومن طريقه الديلمي (١/١/١١٥ - ١١٦) عن مسعر بن الحجاج النهدي: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي مرفوعا به.
وقال الطبراني: " لم يروه عن أبي إسحاق إلا شريك، تفرد به مسعر بن الحجاج "
قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله -:
وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالعلل:
الأولى: الحارث - وهو الأعور - متهم بالكذب.
الثانية: أبو إسحاق - وهو السبيعي - كان اختلط.
الثالثة: شريك - وهو ابن عبد الله القاضي - ضعيف الحفظ.
الرابعة: مسعر بن الحجاج النهدي كذا في المصادر المذكورة، ولم أجد له ترجمة. وفي " الميزان " و " اللسان ": "مسعر بن يحيى النهدي، لا أعرفه، وأتى بخبر منكر "، ثم ساق له حديثا آخر من روايته عن شريك عن أبي إسحاق عن أبيه عن ابن عباس، والظاهر أنه هو هذا. والله أعلم " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/٢٣٩٢)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب