للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السحب على شهادات الاستثمار

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم الدخول في شهادات الاستثمار (أ) و (ب) و (ج) ؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

شهادات الاستثمار التي تصدرها البنوك الربوية بأنواعها الثلاثة (أ) و (ب) و (ج) كلها محرَّمة.

وهذه الشهادات عبارة عن سندات ديْن بفائدة، وهي تختلف باختلاف نوعها، فشهادات استثمار الفئة (أ) تكون فائدتها نسبة مئوية، وتضاف هذه الفائدة إلى أصل قيمة الشهادة، إلى أن ينتهي أجل الشهادة بعد عشر سنوات.

وشهادات استثمار الفئة (ب) لها فوائد محددة، وتصرف كل شهر، أو ثلاثة أشهر، أو ستة أشهر، حسب الاتفاق مع البنك، مع بقاء رأس المال الذي لا يتعرض للنقص.

وكلا النوعين محرَّم، وهما قروض مضمونة مع فائدة مضمونة، وليستا من المضاربة في شيء، ولو كانت مضاربة لكانتا مضاربة فاسدة.

والشرع لا يبيح مضاربة يضمن فيها صاحب المال ماله، ولا يعطي فيها العامل صاحبَ المال مبلغاً محدّداً.

ومن قرارات " مجلس مجمع الفقه الإسلامي " المنعقد في دورته الرابعة عشرة في قطر من ٨ إلى ١٣ من ذي القعدة ١٤٢٣هـ، الموافق ١١/١٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٣:

" من المقرر أن عقد القرض بفائدة يختلف عن عقد المضاربة الشرعية، حيث إن الربح للمقترض والخسارة عليه في القرض، أما المضاربة: فهي مشاركة في الربح، وتحمل للخسارة إن وقعت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الخراج بالضمان) رواه أحمد، وأصحاب السنن بسند صحيح، أي: ما يتحصل من عوائد ونماء وزيادات: إنما يحل لمن يتحمل تبعة التلف والهلاك والتعيّب، وقد استخلص الفقهاء من هذا الحديث القاعدة الفقهية المشهورة " الغُنم بالغُرم "، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد (نهى عن ربح ما لم يُضمن) رواه أصحاب السنُن.

وقد وقع الإجماع من الفقهاء على مدى القرون، وفي جميع المذاهب: بأنه لا يجوز تحديد ربح الاستثمار في المضاربة، وسائر الشركات بمبلغ مقطوع، أو بنسبة من المبلغ المستثمر - رأس المال -؛ لأن في ذلك ضمانًا للأصل، وهو مخالف للأدلة الشرعية الصحيحة، ويؤدي إلى قطع المشاركة في الربح والخسارة التي هي مقتضى الشركة والمضاربة، وهذا الإجماع ثابت مقرر إذ لم تُنقل أي مخالفة له، وفي ذلك يقول ابن قدامة في " المغني " (٣ / ٣٤) : أجمع من يُحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض (المضاربة) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، والإجماع دليل قائم بنفسه.

وإن المجمع وهو يقرر ذلك بالإجماع يوصي المسلمين بالكسب الحلال، وأن يجتنبوا الكسب الحرام طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم " انتهى.

وشهادات استثمار الفئة (ج) ليس فيها فائدة محدَّدة، وله أن يسترد قيمتها متى شاء، وهي تخوله الدخول في سحب دوري يجري على أرقام تلك الشهادات، وهذا السحب مشروط في العقد مع المشترك، بحيث أنه لولا هذا السحب لم يدخل في هذا البرنامج من الشهادات وهذا ما يجعل حكمها أنها ربوية كأختيها، وهي داخلة أيضاً في قاعدة: " كل قرض جرَّ منفعة: فهو ربا ".

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:

يصدر " البنك الأهلي المصري " شهادات استثمار (المجموعة ج) وهي عبارة عن شهادات تشترى من البنك، ويجري السحب عليها (الشهادة المشتراة) شهريًّا، والشهادة التي تفوز تربح مبلغاً كبيراً من المال، مع احتفاظ صاحب الشهادة برد الشهادة إلى البنك، وأخذ قيمتها في أي وقت شاء، فما حكم الشرع في هذا المبلغ الطائل من المال الذي يفوز به صاحب الشهادة الرابحة؟ .

فأجابوا:

" إذا كان الواقع كما ذكر؛ فهذه المعاملة من الميسر (القمار) ، وهو من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) .

فعلى من يتعامل به أن يتوب إلى الله، ويستغفره، ويجتنب التعامل به، وعليه أن يتخلص مما كسبه منه، عسى الله أن يتوب عليه " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٣ / ٣٠١، ٣٠٢) .

وانظر تفصيلاً أوفى في جواب السؤال رقم (٧٢٤١٣) .

وقد صدر قرار من مجلس مجمع الفقه الإسلامي بتحريم الأنواع الثلاثة من شهادات الاستثمار، ونص القرار:

" بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم (٦٢ / ١١ / ٦) .بشأن (السندات) :

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من ١٧ إلى ٢٣ شعبان ١٤١٠هـ الموافق ١٤ - ٢٠ آذار (مارس) ١٩٩٠م.

بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة (الأسواق المالية) المنعقدة في الربط ٢٠-٢٤ ربيع الثاني ١٤١٠هـ/٢٠-٢٤/١٠/١٩٨٩م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية.

وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغا مقطوعاً أم خصماً.

قرر:

١. إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط: محرَّمة شرعاً، من حيث الإصدار، أو الشراء، أو التداول؛ لأنها قروض ربوية، سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة، أو عامة ترتبط بالدولة، ولا أثر لتسميتها " شهادات " أو " صكوكاً استثمارية " أو " ادخارية "، أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها " ربحاً " أو " ريْعاً "، أو " عمولة " أو " عائداً ".

٢. تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري، باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق، باعتبارها خصماً لهذه السندات.

٣. كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز، باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع، أو زيادة، بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم، لا على التعيين، فضلاً عن شبهة القمار.

٤. من البدائل للسندات المحرمة – إصداراً أو شراءً أو تداولاً - السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع، أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة، أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات، أو الصكوك، ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلا.

ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم (٥) للدورة الرابعة لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة " انتهى.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>