للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعتراض من ملحد على مسائل العَوْل في المواريث

[السُّؤَالُ]

ـ[عُرض علي هذا السؤال من أحد الملاحدة وقال فيه إن هناك أخطاء حسابية في القرآن -تعالى الله سبحانه- إذا مات أحدهم وكان الورثة ٣ بنات ووالديه وزوجته، نصيب الـ ٣ بنات = ثلثا التركة استناداً لقوله: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) .. ونصيب والديه= السدس + السدس = ثلث التركة (ولأبويه كل واحد منهما السدس مما ترك) .. نصيب زوجته= ثمن التركة (فلهن الثمن مما تركتم) .. مجموع الحصص = الثلثين للبنات + الثلث للوالدين + الثمن للزوجة = ١.١٢٥ ... أي لو ترك المتوفي ١٠٠٠ دينار لاحتاج القاضي لـ ١١٢٥ دينار ليوزعها عليهم حسب القرآن.. هذا ما قاله لي ذلك الملحد نقلته نصاً لكم، أرجو الإجابة عن ذلك.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

هذا الإشكال الذي أثاره ذلك الملحد ليس بمشكل في الواقع، وقد أجاب عليه العلماء.

وليس هذا الإشكال خاصاً بالمسألة التي ذكرها، بل له أمثله كثيرة، ويسمي العلماء هذا النوع من المسائل بـ "العَوْل" ومعناه عند علماء المواريث: زيادة فروض الورثة عن التركة.

وطريقة حل هذا النوع من المسائل: أن ينقص نصيب كل واحد من الورثة بمقدار ما حصل به العول في المسألة، وذلك هو العدل، حتى لا ينقص واحد من الورثة دون الباقي.

ولم تقع مسألة فيها عَوْل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبي بكر رضي الله عنه، وإنما وقعت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهو أول من حكم به حين رفعت إليه مسألة: زوج وأختين (شقيقتين أو لأب) ، فقال: فرض الله للزوج النصف، وللأختين الثلثين، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه، فاستشار الصحابة في ذلك، فأشاروا عليه بالعَوْل، وقاسوا ذلك على الديون إذا كانت أكثر من التركة، فإن التركة تقسم عليها بالحصص، ويدخل النقص على الجميع.

وانقضى زمن عمر رضي الله عنه على ذلك، ثم أظهر عبد الله بن عباس خلافاً في المسألة، فكان لا يقول بالعول ... ثم انقرض هذا الخلاف، ورجع جميع العلماء إلى ما قضى به عمر وجمهور الصحابة.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني":

"ولا نعلم اليوم قائلاً بمذهب ابن عباس رضي الله عنهما، ولا نعلم خلافاً بين فقهاء العصر في القول بالعول، بحمد الله" انتهى.

انظر: "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية" للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ص ١٦١ – ١٦٦.

وعلى هذا، فطريقة حل المسألة التي ذكرها ذلك الملحد:

الزوجة لها الثمن، والبنات لهن الثلثان، والأب له السدس، والأم لها السدس.

وحتى يتم توزيع التركة على الورثة تقسم التركة إلى ٢٤ جزءاً متساوية وهو ما يسميه العلماء بـ "أصل المسألة" وهو أقل عدد تخرج منه فروض المسألة بلا كسر، وهو شبيه بعملية "توحيد المقامات" عند جمع الكسور الاعتيادية مختلفة المقامات، مثل: نصف وثلث.

وإذا أخرجنا سهام كل وارث في المسألة، فللزوجة الثمن: ٣، ولكل من الأب والأم السدس: ٤، وللبنات الثلثان ١٦، ومجموع هذه السهام ٢٧ أكثر من أصلها وهو ٢٤ وهذا هو "العَوْل"، وهو الاعتراض الذي اعترض به ذلك الملحد.

فلا يمكن أن يعطى كل وارث سهمه كاملاً لأن التركة لن تكفي، وحينئذ، فالعدل: أن ينقص نصيب كل وارث بمقدار ما حصل في المسألة من العول، فبدلاً من تقسيم التركة إلى ٢٤ جزءاً متساوية، يتم تقسيمها إلى ٢٧ جزءاً متساوياً، وهو مجموع سهام الورثة.

فيكون التقسيم النهائي للمسألة:

للزوجة: ٣ أسهم من ٢٧، بدلاً من ٢٤، فصار الثُمْن الذي تستحقه تُسْعاً بسبب العول.

ولكل واحد من الأبوين ٤ أسهم من ٢٧، بدلا من ٢٤.

وللبنات ١٦ سهماً من ٢٧، بدلا من ٢٤.

فنجد أن النقص دخل على سهام جميع الورثة، وبهذا يتحقق العدل، وينتهي الإشكال الذي ذكره ذلك الملحد.

وننا لننتهز الفرصة وندعو ذلك الشخص إلى مراجعة نفسه، والتأمل فيما هو عليه من دين، ومقارنته بالإسلام، فلن يجد أعدل ولا أحسن من الإسلام، فهو دين الله المحفوظ من التحريف والتبديل، وليعد النظر في تشريعات الإسلام، ومنها هذا النوع من مسائل المواريث: "العَوْل"، فلن يجد في الأديان المنسوبة إلى السماء، أو المذاهب الأرضية أعدل وأحسن من ذلك.

وليبادر إلى الدخول في هذا الدين، ليكون من الناجين من عذاب الله وسخطه، وليفوز فوزاً لا خسارة بعده.

نسأل الله له الهداية والتوفيق

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>