للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام يهدم ما قبله من الذنوب

[السُّؤَالُ]

ـ[أخ لنا أسلم حديثاً، وكان في أيام جاهليته اكتسب مالاً كثيراً عن طريق تجارة المخدرات، فحمل معه هذه الأموال الكثيرة وكوّن مكتبة عظيمة، وتزوج بها، وفي هذه الأيام الأخيرة أُخبر بأنه لا يجوز له أن يتصدق بهذه الأموال، لأن الله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا الطيب، فيسأل: ماذا يجب عليه أن يصنع في هذه الأموال، وما صحة هذا الكلام؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الحمد لله الذي هداه إلى الإسلام، ونسأل الله سبحانه أن يثبته ويوفقه إلى ما فيه خيره في الدنيا والآخرة.

ثانياً:

من فضل الله ورحمته أن جعل الإسلام هادماً لما كان قبله من الذنوب والمعاصي، فإذا أسلم الكافر غفر الله له كل ما فعله أيام كفره، وصار نقياً من الذنوب.

روى مسلم (١٢١) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي. قَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ.

(الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله) أَيْ: يُسْقِطهُ وَيَمْحُو أَثَره. قاله النووي في "شرح مسلم".

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مثل ما جاء في السؤال، من اكتساب مال بسبب تجارة المخدرات قبل الإسلام، فأجاب:

" نقول لهذا الأخ الذي منّ الله عليه بالإسلام بعد أن اكتسب مالاً حراماً: أبشر فإن هذا المال حلال له، وليس عليه فيه إثم، لا في إبقائه عنده، ولا فيما تصدق به منه، ولا فيما تزوج به منه، لأن الله تعال قال في الكتاب العزيز: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ) الأنفال/٣٨. أي: كل ما سلف، وما هنا للعموم، لأنها اسم موصول، يعني كل ما تقدم فهو مغفور له. لكن المال الذي غصبه من صاحبه يرده عليه، أما المال الذي اكتسبه عن طريق الرضا بين الناس وإن كان حراماً، كالذي اكتسبه بالربا، أو المخدرات أو غيرها، فإنه حلال له إذا أسلم لقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) ، وكذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن العاص حين أسلم: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله) .

وكثير من الكفار أسلموا وقد قتلوا من المسلمين، ومع ذلك لم يؤاخذوا بما عملوا، فأخبر هذا الأخ أن ماله حلال، وليس فيه بأس، وليتصدق منه، وليتزوج به، وأما ما قيل له إنه لا يجوز له أن يتصدق به ولا منه فليس لقوله أصل " انتهى.

"لقاءت الباب المفتوح" (/٣٧٣-٣٧٤) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>