ـ[أحببت فتاة نصرانية ثم أسلمت وأردت الزواج منها ولكن والدتي لم توافق، والدي متوفى ولا أريد أن أغضب والدتي فقد تعبت من أجلنا كثيراً، صليت الاستخارة ورأيت تلك الفتاة في منامي ثم رأيت فتاة أخرى، لست أدري ما أفعل، هل أعصي والدتي وأتزوجها أم أطيع والدتي وأترك تلك الفتاة مع أنها بحاجة ماسة لي (لأنها مسلمة جديدة) وأخشى إن تركتها أن تعود لحياتها السابقة؟ أظن بأنها لن تفعل ذلك ولكن الظروف تغير حال الإنسان، أرجو أن تقترح علي ما أفعله لأجعل الطرفين راضيين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نقترح عليك أن تستمر في محاولة إقناع والدتك، لتقبل بزواجك من هذه الفتاة، فإن أصرت على رفضها فالخير لك في طاعة والدتك وتلبية رغبتها، والنساء كثير، ولا يلزم الرجل أن يتزوج من امرأة بعينها، لذا كانت طاعة الأم مقدمة هنا، لما في ذلك من البر بها والإحسان إليها. قال الله تعالى:(وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) الاسراء / ٢٣.
وروى أحمد (١٥٥٧٧) أن معاوية بن جاهمة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت الغزو وجئتك أستشيرك فقال هل لك من أم؟ قال: نعم. فقال: الزمها فإن الجنة عند رجلها.. ". قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
ورواه ابن ماجه (٢٧٨١) بلفظ " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: ويحك أحية أمك قلت: نعم قال: ارجع فبرها ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: ويحك أحية أمك، قلت: نعم يا رسول الله، قال: فارجع إليها فبرها ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: ويحك أحية أمك، قلت: نعم يا رسول الله قال: " ويحك الزم رجلها فثم الجنة " والحديث صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي طلحة الأسدي قال: كنت جالسا عند ابن عباس فأتاه أعرابيان فاكتنفاه فقال أحدهما: إني كنت أبغي إبلا لي فنزلت بقوم فأعجبتني فتاة لهم فتزوجتها فحلف أبواي أن لا يضماها أبدا , وحلف الفتى فقال: عليه ألف محرر وألف هدية وألف بدنة إن طلقها , فقال ابن عباس: ما أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك ولا أن تعق والديك , قال: فما أصنع بهذه المرأة؟ قال: ابرر والديك.
وروى مثله عن أبي الدرداء، وإذا كان هذا في تطليق المرأة بعد زواجها، فأولى أن تطاع الأم قبل حصول الزواج.