للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أسلمت حديثا ولا تستطيع السيطرة على شعورها وقت الحيض

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا كندية في ١٩ من العمر وقد دخلت في الإسلام. لقد وضعت طفلي الثاني قبل شهرين، ولله الحمد. عندما أكون في الدورة يكون الوضع صعبا وشديدا علي كثيرا. لقد واجهت العديد من المشاكل خلال هذا الوقت (وأحمد الله على السراء والضراء) . وفي خلال هذه المدة اكتسبت عادة السب والشتم لأنفس عن تضايقي من أعمالي الكثيرة جدا. أنا أفهم الحديث الخاص بأن النساء سيعاقبن لإساءة استخدامهن لألسنتهن. وأنا الآن في مرحلة أحاول فيها المحافظة على حلمي وأحاول أن أمسك لساني عن الكلام غير المناسب لكني أجد أن الغضب يسيطر علي. وأحتاج أن أعرف أولا إن كان هناك أي طريقة (دعوات) يمكن أن أقولها للتحكم في مشاكل الغضب والسباب والشعور بتراكم الأعمال؟ وأيضا هل يجوز لزوجي أن يؤذيني جسديا أو يطلقني في الوقت الذي أبذل فيه قصارى جهدي حسب علمي للسيطرة على نفسي بدون مساعدة من زوجي أو صديقاتي أو عائلتي؟ لقد توسلت إلى زوجي بشكل متكرر ليساعدني ويزيد من إيماني ويعلمني المزيد من أمور الإسلام ويقرئني القرآن حيث إني لا أملك أشرطة ولا أعرف كيف أقرأ القرآن. أنا أشعر أن زوجي هو الأفضل. لكني أتساءل إن كان يجوز له أن يطلقني أو يؤذيني جسديا بأية طريقة تحت الظروف التي ذكرت، وحيث إني أحاول جهدي الالتزام (بشرع) الله قدر استطاعتي.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك إلى الإسلام، ونسأله سبحانه أن يزيدك هده وإيماناً وتثبيتاً.

ثانياً:

الحيض أمر كتبه الله تعالى وقدره على النساء، ومعلوم أن المرأة الحائض قد تشعر بشيء من الضيق والضجر أثناء حيضها، لكن عليها أن تتقي الله تعالى وأن تتحلى بالصبر، وأن تمسك لسانها عما حرم الله من السب والشتم وغيره، وتجاهد نفسها في ذلك، وستجد تحسنا وتغيرا إن شاء الله تعالى.

ثالثاً:

ينبغي للزوج أن يراعي شعور زوجته وأن يقدر معاناتها إن كانت تعاني من شيء ما، وهذا يدعوه لأن يتجاوز عن أخطائها، ويسعى للترويح والتفريج عنها، ويصبر على ذلك، ولا يستعجل في عقابها أو فراقها، فإن الحياة الزوجية ما بنيت للتفريق والتمزيق، بل بنيت للاستمرار والدوام، ولا تخلو هذه الحياة من منغصات، ونجاح الزوجين بقدر تغلبهما على المنغصات، وتحقيق السعادة والألفة بينهما.

رابعاً:

ليس للزوج أن يؤذي زوجته جسديا، ولا يباح له ضربها إلا عند فشل ما قبله من وسائل الإصلاح، من الموعظة، والهجر، وفي حال جواز الضرب، فإنه لا يكون بقصد الإيذاء، بل بقصد الزجر والتأديب، ولذلك اشترط أن يكون ضربا غير مبرّح، " يعني غير مؤلم ولا موجع، ولكن لا يلجأ إلى الضرب إلا في الحالات القصوى " انتهى من "فتاوى عشرة النساء" (ص ١٥١) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

خامساً:

ينبغي للزوج أن يكون عونا لأهله على طاعة الله، وأن ييسر لهم أسباب العلم النافع، كإحضار الكتب والأشرطة، واصطحابهم إلى المراكز الإسلامية، ليتعلموا قراءة القرآن، وأمور الإسلام. وإذا قصر زوجك في هذا فبإمكانك أن تحصلي على كثير من هذه الأشرطة عن طريق الإنترنت، أو بالاتصال على بعض المراكز الإسلامية القريبة منك.

سادساً:

علاج الغضب والسب والشعور بتراكم الأعمال، يكون بأمور:

الأول: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند الشعور بالغضب، لما روى البخاري (٣٢٨٢) ومسلم (٢٦١٠) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ) .

الثاني: تغيير الهيئة عند الشعور بالغضب؛ لما روى أبو داود (٤٧٨٢) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: (إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلا فَلْيَضْطَجِعْ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

الثالث: أن تستشعري ثواب الصبر والحلم وكظم الغيظ، وأن ذلك من صفات المتقين الموعودين بالجنة، كما قال سبحانه: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران/١٣٣، ١٣٤.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا) رواه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (٢٦٢٣) .

الرابع: أن تعلمي أن الغضب والسخط والسب لا يفيدك شيئا، ولا يخفف عنك عبئا، بل تكسبين به وزرا، وتزدادين به ضيقاً وهماًّ، والوفيق وتيسير الأمور إنما يكون بالقرب من الله تعالى، والحرص والاجتهاد في طاعته.

الخامس: أن تنظمي وقتك، وتبادري بإنجاز أعمالك، حتى لا تتراكم عليك فتشعري بثقلها.

السادس: أن تأخذي بالعلاج النافع الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها، حين اشتكت كثرة العمل وثقله، واحتاجت إلى خادمة، وذلك فيما رواه البخاري (٦٣١٨) ومسلم (٢٧٢٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتْ الْعَمَلَ فَقَالَ لها: (أَلا أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ؟ تُسَبِّحِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ حِينَ تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ) . واستنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث: " أَنَّ الَّذِي يُلازِم ذِكْر اللَّه يُعْطَى قُوَّة أَعْظَم مِنْ الْقُوَّة الَّتِي يَعْمَلهَا لَهُ الْخَادِم، أَوْ تَسْهُل الأُمُور عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُون تَعَاطِيه أُمُوره أَسْهَلَ مِنْ تَعَاطِي الْخَادِم لَهَا " انتهى من فتح الباري.

نسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>