للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طهارة وصلاة من به سلس البول

[السُّؤَالُ]

ـ[اشعر بنزول بعض نقاط من البول سألت بالنسبة للصلاة فقيل لي توضئي لكل وقت صلاة وصلي ما شئت وإذا دخل وقت صلاة أخرى توضئي وضوءا جديدا. سؤالي هو: هل يجوز لي التوضؤ قبل دخول وقت الصلاة مثلا: للحاق بصلاة الجماعة بالمسجد؟ هل عندما أكون خارج المنزل يجوز لي أن أصلي بوضوء الصلوات التي يحين وقتها، وإن لم يجز ماذا أفعل لأطهر ملابسي الداخلية لأتوضأ وأصلي بها؟ وهل يجوز لي صلاة طويلة بوضوء واحد مثل صلاة العشاء ثم التراويح؟ جزاكم الله كل خير..]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

١- من كان حدثه دائما مستمرا، كصاحب سلس البول والريح، يتوضأ لوقت كل صلاة، ويصلي بوضوئه ما شاء من الفروض والنوافل، حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى.

وذلك لما في الصحيحين عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، إنما ذلك عرق وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي، ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت. رواه البخاري (٢٢٦) – واللفظ له – ومسلم (٣٣٣)

وصاحب السلس ملحق عند أهل العلم بالمستحاضة.

لكن إن علم أن البول ينقطع عنه في وقت يتسع لطهارته وصلاته لزمه تأخير الصلاة لذلك الوقت.

قال الشيخ ابن عثيمين:

(المصاب بسلس البول له حالان:

الأولى: إذا كان مستمرّاً عنده بحيث لا يتوقف، فكلما تجمَّع شيء بالمثانة نزل: فهذا يتوضأ إذا دخل الوقت ويتحفظ بشيء على فرجه، ويصلِّي ولا يضرُّه ما خرج.

الثانية: إذا كان يتوقف بعد بوله ولو بعد عشر دقائق أو ربع ساعة: فهذا ينتظر حتى يتوقف ثم يتوضأ ويصلِّي، ولو فاتته صلاة الجماعة) . " أسئلة الباب المفتوح " (س ١٧، لقاء ٦٧) .

وقد اختلف العلماء في طهارة المستحاضة ونحوها هل تبطل بخروج الوقت أم بدخول الوقت الآخر، وثمرة ذلك تظهر فيمن توضأت لصلاة الصبح، فهل لها أن تصلي بوضوئها هذا صلاة الضحى وصلاة العيدين أم لا؟

فمن قال: إن طهارتها تبطل بخروج الوقت، منعها من ذلك، لأنها بطلوع الشمس قد انتقضت طهارتها.

ومن قال: إن طهارتها تبطل بدخول الوقت الآخر، أجاز لها أن تصلي الضحى والعيدين بوضوء الصبح لأن طهارتها باقية إلى دخول وقت الظهر.

والقولان في مذهب الإمام أحمد وغيره. (الإنصاف ١/٣٧٨، والموسوعة الفقهية ٣/٢١٢) .

والأحوط أن تتوضأ للضحى والعيدين وضوءا جديدا، وبهذا أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وانظري السؤال رقم ٢٢٨٤٣.

٢- وبناء على ما سبق: ليس لك أن تتوضئي قبل الوقت لتصلي بعده، سواء كان ذلك لإدراك الجماعة أو غيرها لأن طهارتك ستنتقض بدخول الوقت الجديد.

غير أننا ننبه على أن هذا الحكم متعلق باستمرار الحدث، وخروج الخارج، لكن لو قُدر أن صاحب السلس توضأ، ثم لم يخرج منه شيء حتى دخل وقت الصلاة الأخرى، لم يلزمه الوضوء، وهو على وضوئه الأول.

فقول الفقهاء: يتوضأ لوقت كل صلاة، مقيد بما إذا خرج منه شيء.

قال البهوتي في الروض المربع (ص ٥٧) : ((والمستحاضة ونحوها) ممن به سلس بول أو مذي أو ريح. . . (تتوضأ لـ) دخول (وقت كل صلاة) إن خرج شيء (وتصلي) ما دام الوقت (فروضا ونوافل) ، فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء) انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (يجب على المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء، فإن لم يخرج منها شيء بقيت على وضوئها الأول) الشرح الممتع ١/٤٣٨

٣- وإن كنت خارج المنزل، وقد انتقضت طهارتك بدخول الوقت، وأردت الصلاة فإنه يلزمك أن تعيدي الوضوء بعد غسل المحل، وشده بما يمنع خروج الخارج قدر الإمكان.

وتطهير الملابس الداخلية يكون بغسلها، وإن خصصت لصلاتك ثيابا طاهرة تحملينها معك كان أرفق بك وأيسر، وإن شق عليك غسل الملابس أو تبديلها فصلي على حالك.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله:

(المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويغسل ما يصيب بدنه، ويجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن لم يشق عليه ذلك، وإلا عفي عنه لقول الله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية ١/١٩٢.

وإذا شق عليك الوضوء وغسل الثياب لكل صلاة فإنه يجوز لك الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، فتصليهما بوضوء واحد في وقت إحداهما، وكذلك الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء. سواء كنت داخل البيت أو خارجه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (٢٤/١٤) :

ويجمع المريض والمستحاضة اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (٤/٥٥٩) :

يجوز الجمع للمستحاضة بين الظهرين (الظهر والعصر) والعشائين (المغرب والعشاء) لمشقة الوضوء عليها لكل صلاة اهـ.

٤- ولك أن تصلي التراويح بوضوء العاء، ولو امتدت صلاة التراويح إلى ما بعد نصف الليل.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

هل يجوز للمرأة المستحاضة أن تصلي قيام الليل إذا انقضى نصف الليل بوضوء العشاء؟

فأجاب رحمه الله:

(هذه المسألة محل خلاف، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا انقضى نصف الليل وجب عليها أن تجدد الوضوء، وقيل: لا يلزمها أن تجدد الوضوء، وهو الراجح) فتاوى الطهارة ص ٢٨٦.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>