للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يزوج ابنته لمن يريد حفل زفاف بالموسيقى ولا يصلي جماعة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز لأب تزويج ابنته لرجل صاحب سلوك حسن، يصر على إقامة حفل زفافه بالموسيقى، مع أنه عالم بتحريمها، وهو من المصلين الذين لا يحرصون على أداء الصلاة جماعة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

جاء الشرع وأمر المسلم أن يحسن عبادته لله، ويحسن معاملته للناس.

وصاحب السلوك الحسن هو الذي يقوم بالأمرين معاً، فيعبد الله تعالى وحده لا شريك له، ويطيعه ولا يعصيه، ويحسن إلى الناس، فيصدق معهم، ويكرمهم ولا يظلمهم ... إلخ.

فوصف هذا الرجل بأن سلوكه حسن غير صحيح، حتى وإن كان سلوكه حسناً مع الناس، فالله تعالى أحق بأن يطاع ولا يعصى، وأحق بأن يستحيا منه، فكيف يكون هذا الرجل صاحب سلوك حسن وهو يصر على معصية الله تعالى!

أما الموسيقى فقد حرمها الله تعالى، وانظر أدلة تحريمها في جواب السؤال رقم (٥٠٠٠) وأما صلاة الرجل جماعة في المسجد، فهي واجبة، ما لم يكن له عذر من شغل ضروري لا يمكن تأجيله أو مرض أو نوم ونحو ذلك.

والواجب على ولي المرأة أن يختار لها زوجاً صالحاً، صاحب دين وخلق.

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"إذا كان الخاطب مرضيّاً في دينه وخُلُقه، بأن كان متمسكاً بدينه، متحليّاً بآداب الإسلام وأخلاقه: فينبغي إتمام الخطوبة، وإن كان غير ذلك: فلا يجوز إتمام الخطوبة، ويجب فسخها" انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٨ / ٦٨) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

إذا كان الخاطب لا يصلي مع الجماعة: فهذا فاسقٌ، عاصٍ الله ورسوله، مخالفٌ لما أجمع المسلمون عليه من كون الصلاة جماعة من أفضل العبادات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (ص ٢٢٢ ج ٢٣) من " مجموع الفتاوى ": اتفق العلماء على أنها - أي: صلاة الجماعة - من أوكد العبادات، وأجلِّ الطاعات، وأعظم شعائر الإسلام " ا. هـ كلامه رحمه الله تعالى، ولكن هذا الفسق لا يخرجه من الإسلام، فيجوز أن يتزوج بمسلمة، لكن غيره من ذوي الاستقامة على الدين والأخلاق: أولى منه، وإن كانوا أقلَّ مالاً وحسباً، كما جاء في الحديث: (إذا أتاكم من ترضون دِينه وخلُقه فأنكحوه) قالوا: يا رسول الله ‍‍‍‍‍‍‍وإن كان فيه؟ قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) ثلاث مرات، أخرجه الترمذي، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) .

ففي هذين الحديثين دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض بالعناية والاهتمام: الدِّين، والخلُق، من الرجل والمرأة، واللائق بالولي الذي يخاف الله تعالى ويرعى مسؤوليته أن يهتم ويعتني بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مسؤول عن ذلك يوم القيامة، قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) ، وقال: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) " انتهى.

" فتاوى الشيخ العثيمين " (١٢ / جواب السؤال رقم ٣١) .

وعلى هذا؛ ينصح الأب بأن يبحث لابنته عن زوج أحسن حالاً من هذا الرجل الذي يصر على المحرم.

لكن إذا كانت البنت محتاجة للزواج وخشي الأب أن لا يتقدم لابنته أفضل من هذا الرجل، لاسيما مع تقدم سن البنت، فزواجها من هذا الرجل خير لها من بقائها بلا زوج، أو قد تضطر بعد ذلك لقبول من هو أسوأ حالاً من هذا الرجل، فلا مانع في هذه الحال من قبول ذلك الرجل وتزويجه، لكن مع استمرار نصحه بتقوى الله تعالى، والصلاة جماعة في المسجد، والإصرار على عدم إقامة حقل الزفاف بالموسيقى أو غير ذلك مما حرم الله.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>