تحقيق في عمر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما أتصفح بعض المنتديات قرأت موضوعا عجيباً وغريباً أريد من له علم في السيرة أن يوضح لي هذا الأمر، وبارك الله فيكم. وخلاصة هذا الموضوع أن بعض الصحفيين انتهى في بحث له إلى الطعن فيما ورد في صحيح البخاري من أن سن عائشة، حين عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم كان ست سنين، وأنه بنى بها وهي بنت تسع سنين. ولم يقنع الباحث بأن يفند ذلك بمنطق الأرقام ومراجعة التواريخ، ولكنه أيضًا نقد سند الروايات التي روي بها أشهر الأحاديث الذي جاء في البخاري ومسلم، وأثبت في الحالتين ذكاءً، وأصاب نجاحًا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
تحديد سن عائشة رضي الله عنها حين عقد النبي صلى الله عليه وسلم عليها بـ (ست سنين) ، وحين بنى بها بـ (تسع سنين) لم يكن اجتهاداً للعلماء حتى ينظر في صوابه من خطئه، وإنما هو نقل تاريخي ثبت بما يؤكد صحته وضرورة التسليم به، وذلك من أوجه:
١- ورد من قول صاحبة الشأن نفسها عائشة رضي الله عنها، وليس من كلام أحد عنها، ولا من وصف مؤرخ أو محدث، بل في سياق حديثها عن نفسها رضي الله عنها حيث قالت:
(تَزَوَّجَنِى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً، فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي، فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأَنْهَجُ، حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ. فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَاّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ)
رواه البخاري (٣٨٩٤) ومسلم (١٤٢٢) .
٢- هذه الرواية عن عائشة رضي الله عنها وردت في أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وهما صحيحا البخاري ومسلم.
٣- وقد جاءت عن عائشة رضي الله عنها من طرق عدة، وليس من طريق واحدة فقط كما يدعي بعض الجاهلين:
- فالطريق المشهورة هي من رواية هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، وهي من أصح الروايات، فعروة بن الزبير من أعرف الناس بعائشة، لأنها خالته رحمه الله.
- وطريق أخرى من رواية الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة عند مسلم (١٤٢٢) .
- وطريق أخرى من رواية الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: (تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست، وبنى بها وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة) رواه مسلم (١٤٢٢) .
- وطريق أخرى عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة رضي الله عنها. رواه أبو داود (٤٩٣٧) .
وقد جمع فضيلة الشيخ أبو إسحاق الحويني أسماء المتابعين لعروة بن الزبير، وهم: الأسود بن يزيد، والقاسم بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعمرة بنت عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب.
كما جمع أسماء المتابعين لهشام بن عروة في رواية هذا الحديث، وهم: ابن شهاب الزهري، وأبو حمزة ميمون مولى عروة.
ثم سمى الرواة عن هشام بن عروة من أهل المدينة، ليعلم القارئ أن هذا الحديث مما حدث به هشام في المدينة أيضا، وهم: أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، وابنه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة.
ومن أهل مكة سفيان بن عيينة.
وجرير بن عبد الحميد الضبي من أهل الري.
ومن أهل البصرة: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، ووهيب بن خالد وغيرهم.
انظر ذلك في محاضرة ألقاها الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله في تبيين جهالة كاتب المقال الوارد في السؤال، والجواب عليه، وهذا رابطها:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=٨٦١٠٦
والرابط الآتي أيضا:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=٨٦٤٩٥
وهذا التعداد كله من أجل دفع شبهة بعض الجاهلين أن هشام بن عروة تفرد بروايته، وعلى فرض التسليم بأن هشاما اختلط في آخر عمره، ولكن الصواب أن هذه التهمة لم يقل بها إلا أبو الحسن بن القطان في " بيان الوهم والإيهام "، وقد أخطأ فيها:
يقول الذهبي رحمه الله:
" هشام بن عروة، أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكبر تناقص حفظه، ولم يختلط أبداً، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل بن أبى صالح اختلطا، وتغيرا، نعم الرجل تغير قليلا ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة، فنسى بعض محفوظه أو وهم، فكان ماذا! أهو معصوم من النسيان! ولما قدم العراق في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم، في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات، فدع عنك الخبط، وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين، فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا ابن القطان، وكذا قول عبد الرحمن بن خراش: كان مالك لا يرضاه، نقم عليه حديثه لأهل العراق " انتهى.
" ميزان الاعتدال " (٤/٣٠١-٣٠٢) .
٤- كما روى قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة وهي بنت تسع سنين غيرُ عائشة رضي الله عنها، ممن أدركوها وكانوا أعرف بها من غيرهم:
فقد روى الإمام أحمد في " المسند " (٦/٢١١) عن محمد بن بشر، قال حدثنا محمد بن عمرو، قال ثنا أبو سلمة ويحيى قالا: (لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون، قالت: يا رسول الله! ألا تزوج. قال: مَن؟ قالت: إن شئت بكراً، وإن شئت ثيباً. قال: فمَن البكر؟ قالت: ابنة أحب خلق الله عز وجل إليك: عائشة بنت أبي بكر....) وذكر تفاصيل القصة، وفيها أنها كانت بنت ست سنين عند العقد، ثم بنت تسع عند البناء.
٥- وهذا الذي تحكيه عائشة عن نفسها، ويحكيه الرواة عنها، هو ما أطبقت عليه المصادر التاريخية التي ترجمت لعائشة رضي الله عنها، ليس بينها اختلاف في ذلك، ولم يكن الأمر فيها محل اجتهاد، فليس بعد كلام المرء عن نفسه اجتهاد لأحد.
٦- وقد اتفقت المصادر التاريخية أيضا أن عائشة رضي الله عنها ولدت في الإسلام، بعد المبعث بأربع سنين أو خمس سنين.
يقول الإمام البيهقي رحمه الله – في تعليقه على حديث: (لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين) -:
" وعائشة رضي الله عنها وُلدت على الإسلام؛ لأن أباها أسلم في ابتداء المبعث، وثابت عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي ابنة ست، وبنى بها وهي ابنة تسع، ومات عنها وهي ابنة ثمان عشرة، لكن أسماء بنت أبي بكر ولدت في الجاهلية ثم أسلمت بإسلام أبيها ... وفيما ذكر أبو عبد الله بن منده حكاية عن ابن أبي الزناد أن أسماء بنت أبي بكر كانت أكبر من عائشة بعشر سنين، وإسلام أم أسماء تأخر، قالت أسماء رضي الله عنها: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة. في حديث ذكرته، وهي قتيلة، مِن بني مالك بن حسل، وليست بأم عائشة، فإن إسلام أسماء بإسلام أبيها دون أمها، وأما عبد الرحمن بن أبي بكر فكأنه كان بالغا حين أسلم أبواه، فلم يتبعهما في الإسلام حتى أسلم بعد مدة طويلة، وكان أسن أولاد أبي بكر " انتهى باختصار.
" السنن الكبرى " (٦/٢٠٣) .
ويقول الذهبي رحمه الله:
" عائشة ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، وكانت تقول: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين " انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (٢/١٣٩) .
ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" ولدت – يعني عائشة – بعد المبعث بأربع سنين أو خمس " انتهى.
" الإصابة " (٨/١٦) .
وعليه يكون عمرها عام الهجرة ثماني سنين أو تسع سنين، وهذا ما يتفق مع حديثها السابق عن نفسها.
٧- وقد اتفقت المصادر التاريخية أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وعائشة عمرها (١٨) سنة، فتكون في أول الهجرة لها (٩) سنوات.
٨- كما تروي كتب السيرة والتاريخ والتراجم أن عائشة رضي الله عنها ماتت وعمرها (٦٣) سنة، وذلك عام (٥٧هـ) ، فيكون عمرها قبل الهجرة (٦) سنوات، فإذا جبرت الكسور – كما هي عادة العرب في حساب السنين - أنهم يجبرون كسور السنة الأولى والأخيرة، فيكون عمرها عام الهجرة (٨) سنوات، ويكون عمرها عند زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها بعد الهجرة بثمانية أشهر (٩) سنوات.
٩- وما سبق يتوافق أيضا مع ما ينقله العلماء عن الفرق بين عمر أسماء بنت أبي بكر، وعائشة رضي الله عنها، فقد قال الذهبي رحمه الله: " وكانت – يعني أسماء - أسن من عائشة ببضع عشرة سنة " انتهى. " سير أعلام النبلاء " (٢/١٨٨) .
وعائشة ولدت بعد المبعث بأربع أو خمس سنين، وقد قال أبو نعيم في " معجم الصحابة " عن أسماء أنها ولدت: " قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين " انتهى.
فيكون الفرق بين عمر عائشة وأسماء أربع عشرة أو خمس عشرة سنة. وهو قول الذهبي السابق: " كانت – يعني أسماء – أسن من عائشة ببضع عشرة سنة ".
١٠- ونحن وإن كنا ننقل هذه الأرقام المثبتة في كتب السيرة والتاريخ والتراجم، غير أن اعتمادنا في الأساس على ما ينقل بالسند الصحيح، وليس ما نجده في الكتب منقولاً من غير سند، ولكن هذه النقول كلها جاءت متوافقة مع ما ذكرناه في بداية الجواب من أحاديث بأسانيد صحيحة كالشمس، ولذلك أوردنا ما يؤيدها من كتب التاريخ.
ثانياً:
أما الجواب عن استدلال كاتب المقال المتعدي بما ورد في بعض المراجع أن الفرق بين سن أسماء وعائشة عشر سنين فنقول:
إن ذلك لم يثبت من حيث السند، ولو ثبت سنده فيمكن فهمه بما يتوافق مع الأدلة القطعية السابقة.
أما من حيث السند، فقد ورد ذلك عن عبد الرحمن بن أبي الزناد أنه قال: (كانت أسماء بنت أبي بكر أكبر من عائشة بعشر سنين) .
وردت هذه الرواية من طريقين عن الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد:
الطريق الأول: رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (٦٩/١٠) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي، أنا أحمد بن عبد الواحد السلمي، أنا جدي أبو بكر، أنا أبو محمد بن زبر، نا أحمد بن سعد بن إبراهيم الزهري، نا محمد بن أبي صفوان، نا الأصمعي، عن ابن أبي الزناد قال: فذكره.
والطريق الثاني: رواه ابن عبد البر في " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " (٢/٦١٦) قال: أخبرنا أحمد بن قاسم، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا إبراهيم بن موسى بن جميل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا نصر بن علي، حدثنا الأصمعي قال: حدثنا ابن أبي الزناد، قال: قالت أسماء بنت أبي بكر، وكانت أكبر من عائشة بعشر سنين أو نحوها.
وإذا تأمل الباحث المنصف في هذا الأثر ظهر له أن الأخذ بظاهره وهدم جميع ما ثبت من أدلة بخلافه جناية على العلم والتحقيق، وذلك لما يلي:
١- انفراد عبد الرحمن بن أبي الزناد (١٠٠هـ - ١٧٤هـ) بتحديد الفرق بين عمري أسماء وعائشة رضي الله عنهما بعشر سنين، وأما الأدلة السابقة فهي أدلة كثيرة جاءت عن غير واحد من التابعين، ومعلوم أن الكثرة تقدم على القلة.
٢- تضعيف أكثر أهل العلم لعبد الرحمن بن أبي الزناد نفسه: فقد جاء في ترجمته في " تهذيب التهذيب " (٦/١٧٢) قول الإمام أحمد فيه: مضطرب الحديث. وقول ابن معين: ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث. وقول علي بن المديني: ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون، ورأيت عبد الرحمن - يعنى ابن مهدى - خطط على أحاديث عبد الرحمن بن أبى الزناد، وكان يقول فى حديثه عن مشيختهم، ولقنه البغداديون عن فقهائهم، عدهم، فلان وفلان وفلان. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي: لا يحتج بحديثه. وقال أبو أحمد بن عدى: وبعض ما يرويه، لا يتابع عليه.
أما توثيق الترمذي له في سننه تحت حديث رقم: (١٧٥٥) فهو معارض بالجرح المفسر السابق، وهو مقدم على التعديل، خاصة حين ينفرد عبد الرحمن بن أبي الزناد بكلمة يخالف فيها المعروف في كتب السنة والتاريخ.
٣- قوله في رواية ابن عبد البر: (وكانت أكبر من عائشة بعشر سنين أو نحوها) ، وهذه الرواية أصح من رواية ابن عساكر، لأن نصر بن علي الراوي عن الأصمعي في سند ابن عبد البر ثقة حافظ كما في " تهذيب التهذيب " (١٠/٤٣١) ، أما محمد بن أبي صفوان الراوي عن الأصمعي في سند ابن عساكر لم يوثقه أحد.
فقوله في رواية ابن عبد البر (أو نحوها) دليل على أنه لم يضبط التحديد بعشر سنوات، وهذا يضعف روايته، ولا يجيز للباحث المنصف رد الأدلة السابقة لأجل هذا الشك.
٤- ثم إن من الممكن التوفيق بين هذه الرواية وباقي الروايات بأن يقال: إن مولد أسماء كان قبل البعثة بست سنوات أو خمس سنوات، وعائشة بعد البعثة بأربع سنوات أو خمس سنوات، ولما توفيت أسماء عام (٧٣هـ) كان عمرها إحدى وتسعين سنة أو اثنتين وتسعين سنة، وهو ما ذكره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (٣/٣٨٠) : " قال ابن أبي الزناد: كانت أكبر من عائشة بعشر سنين. قلت – أي الذهبي -: فعلى هذا يكون عمرها إحدى وتسعين سنة، وأما هشام بن عروة فقال: عاشت مائة سنة ولم يسقط لها سن" انتهى.
٥- كما يحتمل أن يقال إن أسماء ولدت قبل البعثة بنحو أربع عشرة سنة – وذلك ما يقرره الكاتب نفسه في مقاله السابق - وكان عمرها عام الهجرة سبعة وعشرين عاما، وعمرها عند وفاتها عام (٧٣هـ) مائة سنة، ليتفق ذلك مع ما اتفقت عليه المصادر التاريخية بالنسبة لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أن وفاتها في العام الذي قتل فيه ابنها عبد الله بن الزبير (٧٣هـ) ، وأنها توفيت وعمرها مائة عام: قال هشام بن عروة عن أبيه: بلغت أسماء مائة سنة لم يسقط لها سن ولم ينكر لها عقل.
وهذه أسماء المراجع التي ذكرت ذلك: " حلية الأولياء " (٢/٥٦) ، و" معجم الصحابة " لأبي نعيم الأصبهاني، " الاستيعاب " لابن عبد البر (٤/١٧٨٣) ، " تاريخ دمشق " لابن عساكر (٦٩/٨) ، " أسد الغابة " لابن الأثير (٧/١٢) ، " الإصابة " لابن حجر (٧/٤٨٧) ، " تهذيب الكمال " (٣٥/١٢٥)
أما كونها ولدت قبل البعثة بعشر سنين فهذا إنما قاله أبو نعيم الأصبهاني، بعبارة يقول فيها:
" كانت – يعني أسماء - أخت عائشة لأبيها، وكانت أسن من عائشة، ولدت قبل التأريخ بسبع وعشرين سنة، وقبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، وولدت ولأبيها الصديق يوم ولدت أحد وعشرون سنة، توفيت أسماء سنة ثلاث وسبعين بمكة بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بأيام، ولها مائة سنة وقد ذهب بصرها " انتهى.
فكأن أبا نعيم يقصد أن مدة الفترة المكية بلغت (١٧) عاما، وهذا قول بعض أهل السيرة، وهو قول ضعيف، ولكن ينبغي التنبه له عند محاولة فهم كلام أبي نعيم.
وانظر في حكمة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رغم فارق السن جواب رقم: (٤٤٩٩٠) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب