للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم العتاقة أو قراءة القرآن للأموات

[السُّؤَالُ]

ـ[والدي توفي وكان مريضا في الأربع سنين الأخيرة من عمره، توفي من شهر من الآن وعمره ٥٢ سنة وكان مريضا بجلطة لا يستطيع التحرك أو المشي ومرض السكر والضغط أريد أن أعرف هل يوجد له عتاقة صلاة؟ بعض المشايخ يقولون هذا، بمعنى قراءة القرءان عليه عن طريق المشايخ، هم الذين يفعلون ذلك. وبعض الآراء تخالف. أنا أريد الجواب عن هذا السؤال. وهل عليه كفارة عن أيامه الأخيرة أم لا بسبب مرضه الخطير أم له عتاقة صلاة كما يقال؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

" قراءة القرآن عبادة من العبادات البدنية المحضة، لا يجوز أخذ الأجرة على قراءته للميت، ولا يجوز دفعها لمن يقرأ، وليس فيها ثواب، والحالة هذه، ويأثم آخذ الأجرة ودافعها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " لا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة، وقد قال العلماء: إن القارئ لأجل المال لا ثواب له، فأي شيء يهدى إلى الميت؟ " انتهى.

والأصل في ذلك: أن العبادات مبنية على الحظر، فلا تفعل عبادة إلا إذا دل الدليل الشرعي على مشروعيتها، قال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ، وفي رواية: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ، أي: مردود على صاحبه، وهذا العمل – وهو استئجار من يقرأ القرآن للميت - لا نعلم أنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، والخير كله في اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، مع حسن القصد، قال تعالى: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) ، وقال تعالى: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، والشر كله بمخالفة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرف القصد بالعمل لغير وجه الله "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة".

فهذه العتاقة لا أصل لها في الشرع، وهي بدعة مذمومة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أرشدنا إليها، ولم يفعلها أحد من أصحابه رضي الله عنهم، وما كان كذلك فلا ينبغي لمؤمن أن يفعله.

ثانيا:

المشروع هو الدعاء للميت، والصدقة عنه، كما روى مسلم (١٦٣١) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " وَفِيهِ أَنَّ الدُّعَاء يَصِل ثَوَابه إِلَى الْمَيِّت , وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة....وَأَمَّا قِرَاءَة الْقُرْآن وَجَعْل ثَوَابهَا لِلْمَيِّتِ وَالصَّلاة عَنْهُ وَنَحْوهمَا فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنَّهَا لا تَلْحَق الْمَيِّت " انتهى باختصار.

وانظر السؤال رقم (١٢٦٥٢)

فأكثر من الدعاء لوالدك، وتصدق عنه بما تستطيع، وإن كان لم يحج أو لم يعتمر، وأمكن أن تحج وتعتمر عنه فافعل، فهذا مما ينفعه بإذن الله.

ومن البر بالأب الميت: إكرام صديقه، وصلة الرحم المتصلة به.

والمرض يجعله الله كفارة لعبده المؤمن، كما يكون سببا لرفع درجته وعلو منزلته إن هو صبر واحتسب، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) رواه البخاري (٥٦٤٢) ومسلم (٢٥٧٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

نسأل الله أن يرحم أموات المسلمين.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>