للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كيف نعالج تعلق الناس بالأناشيد المخالفة للشرع؟

[السُّؤَالُ]

ـ[نحن طالبات في الجامعة، وكما تعلمون: ازداد في الفترة الأخيرة الأناشيد التي تحتوي على الإيقاع، والموسيقى - والله المستعان -، وكما تعلمون: القليل من يقتنع بتحريم هذه الأناشيد، ونحن نريد حلاًّ، أصبح الوضع مبكياً؛ لما نراه من حال المنشدين، وبالأخص المسلمين، وكما تعلم نحن في " غزة " نعيش وضعاً صعباً، وكان في الآونة الأخيرة الحرب على " غزة "، ولعل من أسباب النصر التي يجب علينا أن نتبعها: الرجوع إلى الله، وهذه الأناشيد شبيهة بالأغاني، فيا شيخنا الفاضل نريد أن نعمل مشروع " المقاطعة "، فهلا أكرمتنا بخطط، أو فوائد في ذلك؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا شك أن ما ذكرتن عن حال النشيد والمنشدين لم يعد خافياً على أحد، وقد ظهرت نكارته التي حذَّر العلماء من الوقوع فيها، ولم يعد المشاهد والمستمع العادي يفرِّق بين "منشد" و "مغنِّي" لا في الكلمات، ولا في الألحان، ولا في المعازف، ولا في الجمهور، ولا في الهيئة، فتجد المنشد حليقاً أو شبه حليق، مع لبس بنطال ضيق، أو ثوب مسبل، وتجد جمهوره يصفِّق، ويصفِّر، وهو في حفل مختلط من النساء والرجال، وتجد آلات الطرب تصدح إما أمامه، أو خلف الكواليس، وتجد ألحان أناشيد فيها التمييع، والتطريب، والآهات، مع حركات أيد، وتغميض عينين، وتجد كلماتها فيها تهييج مشاعر، أو وطنية عنصرية، أو توسل بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو تغزل بالمدينة النبوية، هذا حال أكثر المنشدين وأناشيدهم هذه الأيام، وللأسف الشديد، فلا عجب بعدها أن تسمع عن ترك واحد منهم للاستقامة، وتخليه عن الهداية، ولا تعجب من تحول بعضهم إلى الغناء الصرف! وهو إمام مسجد في الأصل! ويقول بما نذكره عنهم ها هنا، ومن قِبَل: أنه لا فرق بينهم وبين المغنين، لذا فإنه كان "صريحاً"! مع نفسه، و "واضحاً" مع جمهوره، فالتحق بركب الغناء، وسار مع قافلة المغنين، والله المستعان.

البيان لاخطاء بعض الكتاب - (ص ٣١٩، ٣٢٠) .

والعلماء لا ينكرون النشيد من حيث الأصل، وإنكارهم إنما هو لما أُدخل فيه من أمور مخالفة للشرع، وقد ذكرنا ملاحظات العلماء على هذه الأمور، وتحذيرهم منها، وخشيتهم من وجود الأسوأ، فانظر هذا كله في جواب السؤل رقم: (٩٩١٧٦) .

وبعد أن ذكر الشيخ صالح الفوزان حفظه الله خشيته من حصول ما هو أسوأ مما هو موجود الآن: علَّق على ذلك فيما بعد، فقال:

"ولقد حصل ما خشينا منه من التطور، فيما يسمَّى بـ " النشيد الإسلامي "، فقد أخبرني بعض الإخوة من طلاب العلم عن انتشار أشرطة كثيرة جدّاً في بلاد الشام اليوم، يصاحب المنشدَ فيها الآلةُ حتى أصبحت أقرب إلى الغناء؛ من أمثال أشرطة "السرميني"، و "الترمذي"،، و "أبي راتب"، و "البراعم المؤمنة" ... وغيرها من الأسماء التي لا يحصرها عدد، والتي تعمل مراكز الأشرطة، والفيديو، عندهم ليل نهار عليها، وبأرباح تفوق أرباحها من الغناء الماجن، حتى إن بعض دور النشر في "عمَّان" قد فرغت نفسها لنشر هذه الأشرطة على أنه عمل إسلامي دعوي! والذين يتتبعون هذه الأشرطة من شباب المسلمين من الأحزاب المختلفة لا يقبلون أي غمز، أو اتهام في شأنها؛ فهي عندهم حل إسلامي ضروري، وملحّ، ويكاد يكون جزءً من الدِّين، وكل من يتناول هذه الأشرطة: فهو متحجر، ومتشدد، وأصولي، ولا يعيش واقع عصره! وأشد من ذلك: أنه قد حدثني أحد المشايخ أنه سمع شريطاً قد لحنت فيه بعض سور القرآن مع الموسيقى على شكل " أناشيد "؛ نعوذ بالله من هذا العمل، ومن أهله" انتهى.

" البيان لأخطاء بعض الكتَّاب " (ص ٣١٩) .

ولمعرفة حكم الأناشيد ومعرفة ضوابط الجائز منه: انظر جواب السؤال رقم: (٥٠١١) و (١١٥٦٣) .

ثانياً:

حتى تثمر جهودكم في الحد من تلك الظاهرة المؤسفة المنتشرة باسم الدين: فإننا ننصحكم بما يلي:

١. التلطف في الإنكار على المخالف؛ فإنه من المعلوم تعلق قلوب كثيرين، وكثيرات! بالنشيد، والمنشدين، فليس من السهل عليهم ترك ذلك إذا استخدمت الشدة في الإنكار عليهم.

٢. إبراز فتاوى العلماء بتحريم هذه الأناشيد التي وقعت فيها مخالفات شرعية.

٣. إظهار البديل الجاد، الذي لم تقع فيها مخالفات شرعية.

٤. بيان أهمية العلم الشرعي، وبذل المزيد من الجهود والأوقات في تحصيله، والتركيز على حفظ القرآن، وبيان فضل حفظه وتلاوته وتعلمه وتعليمه، والمشتغل في حفظ القرآن والعلم الشرعي لا يجد وقتاً يلهو به بهذه الأناشيد، ويضيع وقته في سماعها.

٥. ذِكر أثر النشيد على قلوب مستمعيه، وخاصة المكثر منها، وقد تعدى أثر ذلك إلى التعلق بذات المنشدين، كما هو معروف من خلال المنتديات، ومن خلال أصحاب التسجيلات، وكثير من الناس لا ينتبه لأثر ما يفعله حتى يقع في الفتنة، فتحذير هؤلاء الناس من التمييع الحاصل في الأناشيد، ومن التمايل، وغير ذلك من المخالفات – وخاصة في " الفيديو كليب " – هو من المهم بمكان، حتى يؤدي المسلم واجب النصيحة المؤتمن عليها.

ونسأل الله أن يعينكم على أداء رسالتكم، وأن يسدد خطاكم، ويوفقكم لما فيه رضاه.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>