لها صديقة بوذية أحبت الإسلام ولم تدخله ثم ماتت فهل تدعو لها
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي صديقة يابانية بوذية الديانة، دعوتها إلى الإسلام والتوحيد مراراً وتكراراً، ولكنها كانت تستمع لي تارة وترفض الاستماع تارة أخرى، وكانت دائماً مشغولة فهي تعمل مدرسة في مدرسة ابنتي، وكانت دائماً تزورنا وتأكل عندنا الطعام، وعند حديثي عن الإسلام ورغبتي في دخولها الإسلام كانت تقول لي: أنا أحترم الإسلام جداً، وتقول: إنه أحسن دين وأنه أحسن من البوذية. وعندما أطلب منها ألا تخلط ابنتي بالبنين في الدرج أو الصف ومسك الأيدي بين الأطفال كانت تحترم هذا كثيراً ولا تأخذه بسخرية أو استهزاء، حتى أني طلبت منها أن تصلي ابنتي بزي الصلاة الظهر في المدرسة فلم ترفض، وخصصت لها غرفة لصلاة ابنتي قبل موعد الغداء. وهكذا كنت أحس منها أنها تحترم الإسلام ولكنها يصعب عليها الدخول فيه، لأنها ستحس بالغربة في وسط عائلتها والمجتمع الياباني، وهذا حال اليابانين كلهم. ولكن الآن يا شيخي هي ماتت وأنا حزنت كثيراً، وأحسست بذنب عظيم في أنها ماتت على غير دين الإسلام، وأنني قصرت في دعوتها، لكن الله يعلم أني دعوتها كثيراً وشرحت لها كل شيء عن الإسلام والتوحيد لله عز وجل. وسؤالي الآن: هل علي من ذنب تجاهها؟ ، وما مصيرها الآن يا شيخنا؟ صبرني زوجي وقال: احتمال يكون قلبها اتجه للإسلام قبل الوفاة، فهل هذا صحيح؟ ، وما حكم حضوري جنازتها؟ مع العلم أن فيها من الطقوس البوذية الكافرة؟ ،وما حكم دعوتي لها بالمغفرة والرحمة من الله حيث أنها نفس خلقها الله عز وجل؟ ، وآخر سؤال لي: ما حكم كشف وجهي في بيتي أمام اليابانيات الكافرات؟ مع العلم أنني منتقبة أو كشف شعري أو أي لبس مزين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذه المرأة إذا لم تتلفظ بالشهادتين، ولم تدخل في الإسلام، فإنها باقية على دينها، ولا ينفعها أن يكون قلبها اتجه إلى الإسلام، فكم من كافر يعرف صحة دين الإسلام، ويحبه ويرغب في الدخول فيه، لكن يمنعه من ذلك خوف على مكانته أو منصبه أو فقدان عشيرته، وهذا إن مات مات كافراً مخلداً في النار، كحال أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان موقناً بالإسلام، ولم يمنعه من الدخول فيه عند الموت إلا خوف أن يعيّر بأنه رغب عن ملة عبد المطلب جزعاً من الموت، وقد نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له؛ لأنه مات كافراً.
قال تعالى: (ما كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) التوبة/١١٣.
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (٨/١٧٣) : " هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار، حيهم وميتهم، فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين، فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز ".
وقال الشوكاني رحمه الله في "فتح القدير" (٢/٤١٠) : " وهذه الآية متضمنة لقطع الموالاة للكفار، وتحريم الاستغفار لهم".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين، وهو كافر ظاهراً وباطناً عند سلف الأمة وأئمتها وجماهير علمائها " انتهى من "مجموع الفتاوى" (٧/٦٠٩) .
وقد روى مسلم في صحيحه (٩٧٦) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي) .
وذلك لأن أم النبي صلى الله عليه وسلم ماتت كافرة، فلم يأذن الله له أن يستغفر لها.
وبهذا تعلمين أن الدعاء لهذه المرأة بالمغفرة والرحمة لا يجوز.
وما ذكرت من دعوتك لها للإسلام، وترغيبها في الإيمان، يرفع عنك إثم التقصير والحمد لله، بل يرجى لك بذلك الأجر والثواب من الله تعالى.
ثانياً:
لا جوز حضور جنازة الكافر مع وجود الطقوس الكفرية، لما في ذلك من حضور المنكر والسكوت عليه.
ثالثاً:
يجوز للمسلمة أن تكشف عن وجهها وشعرها وما يظهر غالبا، أمام المرأة الكافرة، على الراجح، إلا إن خشيت أن تصفها للرجال، وينظر جواب السؤال رقم (٦٥٩٦) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب