تسجيل الحضور في المنتديات بالذكر والصلاة والسلام على رسول الله
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض الإخوة في منتديات الإنترنت بوضع موضوع يكون عنوانه: "سجل حضورك اليومي بذكر اسم الله" أو "سجل حضورك اليومي بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم" وفكرة هذا الموضوع هو أن أعضاء المنتدى كلما دخلوا إلى الموقع يقومون بالاشتراك في هذا الموضوع بكتابة بعض ألفاظ الصلاة على النبي وبعض التسابيح والأذكار، ونحن نكتب هذا الموضوع لغرض الفائدة والدعوة إلى الله، وتنبيه الغافلين عن ذكر الله، لا أكثر ولا أقل، والله من وراء القصد. فما هو رأيكم في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نشكر لكم حرصكم على الخير، ونسأل الله أن يزيدكم حرصاً وهدى.
وأما ما ذكرته من افتتاح بعض المنتديات بقولهم: سجل حضورك اليومي بذكر اسم الله وما شابه ذلك، فالأولى بهم أن يقتصروا على مجرد التذكير بذكر اسم الله، لكون البداءة بذكر اسم الله سنة جارية عند أهل العلم في افتتاحهم لكتاباتهم، وأمورهم، وأما ما سوى ذلك من ربط تسجيل الحضور بذكر الله أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فالأولى البعد عن ذلك لأن فيه نوعاً من التحديد، وربط الذكر بسبب معين، وهذا قد يكون فيه نوع ابتداع يخشى أن يجر إلى ما هو أكبر منه، والسلف رحمهم الله كانوا يحذرون من صغار البدع لأنها تجر في الغالب إلى كبارها، كما في سنن الدارمي عن عمرو بن سلمة: أن أبا موسى جاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته، ولم أر - والحمد لله - إلا خيرًا. قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حَصَى، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة.
قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك، وانتظار أمرك.
قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟
ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حَصَى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح.
قال: فعدّوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملَّة أهدى من ملَّة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير. قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه. إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم.
وايم الله ما أدري، لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.قال الألباني: إسناده صحيح، كما في "إصلاح المساجد" (ص ١١) .
فلو أنكم في كل يوم ذكرتم فضل أحد الأذكار الشرعية من الكتاب أو السنة، أو ذكَّرته باستصحاب الذكر والتسبيح ونحو ذلك، لكان ذلك أحسن في دلالة الناس على الخير وإرشادهم إليه، لأنهم إذا علموا فضل التسبيح أو التحميد أو التهليل أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لداوموا عليه، ولا يكون ذلك مختصاً بتسجيل الدخول فقط، فيحصل المقصود وهو حث الناس على الأذكار الشرعية، وسلمتم من شبهة الابتداع.
وأما ما ذكر في بعض المنتديات أن هذا من الذكر الجماعي، أو من اتخاذ آيات الله هزوا، فهذا فيه مبالغة شديدة ومخالفة في الواقع، وليس هذا من الذكر الجماعي في شيء، بل غاية ما فيه أن يكون من تحديد الذكر بسبب معين لم يحدده الشارع، فكان اجتنابه أولى.
والله تعالى أعلم بالصواب.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب