ـ[رجل يتشاجر مع زوجته باستمرار. وفي أحد الأيام فوجئ بأن زوجته اتصلت بأهلها الذين يعيشون في دولة أخرى وقالت لهم أنه طلقها فقاموا بشراء تذاكر الطيران وسافرت بمعية ابنتهم التي تبلغ من العمر ٢٠ شهراً عندما عاد وعلم بالموضوع سافر بعدها مباشرة وعندما وصل إلى هناك واستوضح الأمر قالت إنه نطق بالطلاق. بالنسبة له هو يقول إنه لم يكن يدرك لأنه كان في حالة غضب كما أنه يبرر في معرض كلامه بقوله إنه لم يكن على علم بأن الطلاق يقع حال الغضب أو حال عدم الطُهر (بما يوحي والله اعلم انه ربما تذكّر انه تلفظ بالطلاق) . على كل حال ذهبوا إلى المحكمة وهناك سمع القاضي منهما وحكم بأنها طلُقت منه. بعد ذلك قرر أن يرجعها ولكن جدّت مشكلة أخرى هي أن عائلة زوجته رفضا الإرجاع وزوجته كانت في صفهم في بادئ الأمر ولكنها غيرت رأيها فيما بعد. ما زال والدا زوجته مصران على عدم الإرجاع وزوجته ما زالت هناك وهو في استراليا وفترة العدة قاربت على الانتهاء ولا يدري ما العمل. هل يتركها؟ إن فعل فما مصير ابنته التي ستتربى في غير بيت أبيها. وان تزوج بامرأة أخرى تضاعف الحمل عليه إذ انه سيصبح مكلفاً بإعالة ثلاث اسر (الزوجة الجديدة- والداه- نفقة زوجته الأولى وابنته) . يقول: ضاقت بي السبل ولا حيلة لي إلا الدعاء. فما النصيحة التي توجهونها له.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا طلق الرجل زوجته الطلقة الأولى أو الثانية، ولم يكن طلاقا على مال، فهو طلاق رجعي يملك فيه إرجاع زوجته ما دامت في العدة، ولا يشترط رضاها ولا رضى وليها؛ لقوله تعالى:(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة/٢٢٨.
وينظر جواب السؤال رقم (٧٥٠٢٧) .
وعليه؛ فإن السائل يملك إرجاع زوجته ولو لم ترض بذلك، ويكفي في الرجعة أن يقول: أرجعت زوجتي، سواء أخبرها بذلك أم لا، وينبغي أن يشهد على الرجعة حتى لا تدعي الزوجة أنه لم يرجعها في العدة.
وإذا أرجع الرجل زوجته ألزمت شرعاً بالعودة إليه وإلا كانت عاصية ناشزاً، إلا أن يكون في عيشها مع زوجها ضرر معتبر، فلها أن تطلب الطلاق لرفع الضرر.
والمقصود أنه لا خوف من انقضاء فترة العدة، لأنه يمكنه إرجاع زوجته الآن ولو لم ترض.
فالذي ننصح به السائل أن يتصل بزوجته ويقول لها: قد أرجعتك، ويشهد على ذلك، وبهذا تكون زوجته قد عادت إلى عصمته، حتى ييسر الله لهما وتسافر إليه بعد استرضاء والديها.
ثانياً:
الاختيار بين مفارقة الزوجة أو الزواج بالثانية يُرجع فيه إلى الموازنة بين المصالح والمفاسد، ويختلف باختلاف الإنسان وحالته المادية والنفسية ومدى استعداده لتحمل المشاكل التي تنتج غالبا بعد التعدد، واحتمال فراق ابنته وبعدها عنه، ولا ينبغي للمرء أن يقدم على شيء من ذلك إلا بعد التفكير والتروي واستشارة من يعرف أحواله، واستخارة الله تعالى، وينبغي أن يفزع إلى الدعاء في كل ما يهمه ويشغله.