للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرى أنه أقرأ القوم، فهل يطلب منهم أن يؤمهم؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أصلي في مسجد لأهل السنة، وهناك من يتناوبون على الإمامة باتفاق بين أهل المسجد، وهم من أهل الفضل وعلى درجة من العلم ولكن قراءتهم ليست جيدة إلى حد ما، فيها لحن ولكن ليس جليا، مع حفظهم للقرآن كاملا، فهل أطلب منهم أن يقدموني للإمامة على أني على درجة كافية من تجويد القرآن ولكني لا أحفظه كله؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

روى مسلم (٦٧٣) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) . ١٣٤٢٧٩

وقد تقدم في جواب السؤال رقم (١٣٤٢٧٩) شرح معنى: "الأقرأ لكتاب الله" وأن المراد بذلك: الأكثر حفظاً، والأحسن تلاوة، والمراد من حسن التلاوة أن يقرأ قراءة صحيحة.

وَبَّينَّا أيضاً أنه إذا اجتمع شخصان أحدهما أكثر حفظاً للقرآن، والثاني أحسن قراءة، فإنه يقدم الأكثر حفظاً.

وعلى هذا، نرى أنه ليس من حقك أن تطلب من هؤلاء أن تؤمهم في الصلاة، وذلك لسببين:

١- أن فيهم من هو أكثر منك حفظاً للقرآن، وكون بعضهم يلحن ما سميته "لحناً خفياً" لا يؤثر على استحقاقه الإمامة، لأن اللحن الخفي لا يعني أن القراءة غير صحيحة، فما دامت القراءة ليس فيها تغيير لحرف بحرف، أو تغيير لتشكيل الكلمات، فهي قراءة صحيحة.

وإنما يتعلق اللحن الخفي بإتقان المدود والغنن ونحوها، كما هو معلوم عند المشتغلين بعلم "التجويد".

٢- أن الإمام الراتب أحق بالإمامة من غيره حتى لو كان غيره أقرأ منه.

ففي الحديث السابق يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) .

قال ابن قدامة رحمه الله:

"وإمام المسجد الراتب فيه بمنزلة صاحب البيت، لا يجوز لأحد أن يؤم فيه بغير إذنه لذلك" انتهى.

"الكافي" (١/١٨٦) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"الإمام كلما كان أقرأ لكتاب الله وأفقه في دين الله كان أولى من غيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة) إلا إذا كان الإنسان في مسجد له إمام راتب فإن الإمام الراتب أحق من غيره" انتهى.

"فتاوى نور على الدرب" (١٨٢ / ٦) .

فإذا تعارف أهل المسجد على أنه يصلي بهم فلان، فهو الإمام الراتب، وهو أحق بالإمامة من غيره.

ثم النصيحة لك ـ وأنت في بداية الشباب ـ أن تقبل على تعلم العلم النافع، وتجتهد في العمل به، ويُخشى أن تكون رغبتك في الإمامة من باب حب التصدر، أو فيها شيء من الإعجاب بالنفس.

فعليك الاهتمام بنفسك وتزكيتها بالعلم النافع والعمل الصالح، ودع عنك طلب الإمامة والتطلع لها.

ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>