في بلاده يعقد النكاح بلا ولي فهل يلزمه تجديد العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[ي بحضور ولي المرأة أثناء عقد الزواج وقد قمت بقراءة جميع الفتاوى الخاصة بالولي على هذا الموقع، ولاشك أن ولي المرأة هو من يمنح "الإيجاب" فى عقد الزواج لأن النساء فى الإسلام لا يمكنهن تزويج أنفسهن. وأريد أن أسأل وفقاً للشريعة إذا لم يكن هناك ولي للمرأة أثناء عقد الزواج، فهل يعد الزواج باطلاً؟ وأنا الآن أرغب فى إخباركم بكيفية الزواج ببلدنا (أوزبكستان) ، وكيف كان في حالتي: يحضر عقد الزواج الإمام والعروس والعريس وشاهدان، ويقوم الإمام أولاً بإلقاء خطبة بأن يقوم بقراءة بعض آيات من القرآن وبعض الأدعية، ثم يسأل المرأة: "جميلة بنت حسين هل تقبلين الزواج بعبد الله بن عبد الرحمن؟ " فتقول "نعم" (مع ملاحظة أنها لا تقول "أزوجك نفسى يا عبد الله بن عبد الرحمن" وأعني أن الإمام سألها كما لو كان الولي يطلب موافقتها، لأنه عند عدم وجود ولي مناسب فإن إمام المسجد يمكن أن يكون وليها أيضاً) . ثم يسأل العريس: "يا عبد الله بن عبد الرحمن هل تقبل بجميلة بنت حسين زوجة لك؟ " فيقول: "أقبل". وكما قلت لكم فقد كان هناك شاهدان وهذا هو ما حدث في حالتي. لقد كانت المشكلة لدينا في المصدر: حيث يتبع الناس هنا المذهب الحنفي وكتب الفقه المنشورة هنا هي على المذهب الحنفي. وقد عرفت مؤخراً كما فى الحديث الصحيح أن ولي العروس هو من يزوجها. وقد سألت الشيخ الذي هو أكثر معرفة بأحكام الإسلام ببلدنا عن الدليل الذى يجيز عدم حضور الولي، وكانت إجابته:" إذا كان الإسلام يجيز للمرأة حق الملكية كأن تقوم بنفسها بعقد معاملات مالية، فكيف لا يجيز لها حق ملكية نفسها بأن تزوج نفسها". فما الذى يجب فعله فى هذه الحالة؟ فأخبرونا ماذا نفعل، وما هو مصير زواجي؟ هل يجب علينا أن نعيد الزواج؟ أدعوا الله الذى أتم هذا الدين بواسطة نبيه محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله وسلم بحيث جعل الدين لا يحتاج إلى أية إضافات أو تعديلات؛ أن يهديكم للإجابة التي ترضيه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
دلت الأدلة الصحيحة على اشتراط الولي لصحة النكاح، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (٢٠٨٥) والترمذي (١١٠١) وابن ماجه (١٨٨١) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٧٥٥٧) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه أحمد (٢٤٤١٧) وأبو داود (٢٠٨٣) والترمذي (١١٠٢) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٢٧٠٩) .
وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.
وذهب الحنفية إلى صحة النكاح بلا ولي، واستدلوا على ذلك بأدلة ضعيفة لا تقاوم أدلة الجمهور.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وقال أبو حنيفة: لها أن تزوج نفسها وغيرها , وتوكل في النكاح ; لأن الله تعالى قال: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) أضاف النكاح إليهن , ونهى عن منعهن منه , ولأنه خالص حقها , وهي من أهل المباشرة , فصح منها , كبيع أمتها , ولأنها إذا ملكت بيع أمتها , وهو تصرف في رقبتها وسائر منافعها , ففي النكاح الذي هو عقد على بعض منافعها أولى ".
وذكر أدلة الجمهور ثم أجاب عن دليل الحنفية بقوله:
" وأما الآية , فإنَّ عَضْلها الامتناعُ من تزويجها , وهذا يدل على أن نكاحها إلى الولي. ويدل عليه: أنها نزلت في شأن معقل بن يسار , حين امتنع من تزويج أخته , فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فَزَوَّجها. وأضافه إليها لأنها محل له " انتهى من "المغني" (٧/٦) .
وينظر: "الموسوعة الكويتية" (٤١/٢٤٨) .
ويجاب عما ذكروه من القياس، بأنه قياس في مقابل النص، فلا يصح، وهذا يسميه العلماء: قياس فاسد الاعتبار.
ومن القواعد المقررة عند أهل العلم: "أنه لا اجتهاد مع النص".
ثانياً:
نظراً لأن المسألة اجتهادية، واختلف فيها الأئمة، فإنه إذا كان أهل بلد يعتمدون المذهب الحنفي كبلادكم وبلاد الهند وباكستان وغيرها، فيصححون النكاح بلا ولي، ويتناكحون على هذا، فإنهم يقرّون على أنكحتهم، ولا يطالبون بفسخها.
قال ابن قدامة رحمه الله في الموضع السابق: " فإن حَكَمَ بصحة هذا العقد حاكمٌ , أو كان المتولي لعقده حاكماً , لم يجز نقضه" انتهى.
وعليه؛ فلا يلزمك إعادة عقد النكاح، وينبغي أن تنصح لإخوانك وأقاربك وأن تبين لهم أهمية وجود الولي في النكاح، وأن إجراءه للعقد هو الأولى والأكمل، وفي ذلك خروج من الخلاف.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب