للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم تكن تعلم أن المذي ينقض الوضوء فهل تعيد الصلوات؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل تأثم المرأة في تفكيرها الجنسي قبل الزواج؟ وهل تأثم بإنزال المذي؟ لأنها تتأثر من أدنى شيء أرجو سرعة الرد فأنا قلقة، لم أكن أعلم أن هناك شيئاً اسمه مذي، ولم أكن أجدد وضوئي عند الإنزال.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا تأثم المرأة بمجرد التفكير الجنسي، ما لم يصحبه عمل أو نظر، أو يتحول إلى عزم وإرادة جازمة، وذلك لما جاء من العفو عن حديث النفس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعمَلُوا بِهِ) رواه البخاري (٢٥٢٨) ومسلم (١٢٧) .

قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: " وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه: فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه " انتهى من "الأذكار" (ص ٣٤٥) .

وقال: " وسبب العفو ما ذكرناه من تعذر اجتنابه، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه، فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما ".

ولاشك أن الاسترسال في هذه الخواطر والأفكار، قد يفضي إلى الحرام، طلبا لتفريغ الشهوة، قيقع الإنسان في الاستمناء، أو تتبع الصور المحرمة، أو غير ذلك.

ولهذا ينبغي أن تدعي التفكير في هذه الأمور، وأن تصرفي ذهنك عنها، وأن تشغلي نفسك بطاعة الله تعالى، وما ينفعك في أمور دينك ودنياك.

وانظر جواب السؤال رقم (٢٠١٦١)

ثانيا:

المذي يخرج عادة عند ثوران الشهوة، وهو نجس ناقض للوضوء، لكن نجاسته مخففة فيكفي في تطهيره غسل الفرج ورشّ الثوب بالماء.

وينظر جواب السؤال رقم (٢٤٥٨) و (٩٩٥٠٧) .

وإذا خرج المذي لمجرد التفكير العابر، لم يأثم صاحبه.

ثالثا:

إذا كنت تجهلين أمر المذي، وكونه ناقضا للوضوء، وكنت تصلين بعض الصلوات مع وجوده، فإن صلاتك صحيحة على القول الراجح، لكونك معذورة بالجهل.

وهكذا من جهل بعض نواقض الوضوء، كمن جهل أن لحم الإبل ينقض الوضوء، ثم صلى، فإن صلاته صحيحة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص، مثل: أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء، أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص: فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد.

ونظيره: أن يمس ذَكَره ويصلى، ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر.

والصحيح في جميع هذه المسائل: عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان؛ ولأنه قال: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ، فمن لم يبلغه أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ معيَّنٍ: لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمَّاراً لما أجْنبا فلم يصلِّ عمر وصلَّى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياماً لا يصلي، وكذلك لم يأمر مَن أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر مَن صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء.

ومن هذا الباب: المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان، أحدهما: لا إعادة عليها – كما نقل عن مالك وغيره -؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (إني حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام) أمرها بما يجب في المستقبل، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي " انتهى من "مجموع الفتاوى" (٢١ / ١٠١) .

نسأل الله لك التوفيق والسداد، والعفة والإحصان.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>