لا يشترط رضا الزوجة في إرجاعها بعد طلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلَّق الرجل زوجته في حالة عصبية وجاء بعد أسبوعين من تركهِ لها لإرجاعها , ولم تقبل بالرجوع له , لأنه إنسان غير معتدل ومزواج - أي: يعدد في الزوجات – وعنده عدم عدل بينهم , وأصبح على هجره لها أكثر من سنة , هل تحرم عليه وتعتبر مطلقة أم ماذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
طلاق الغضبان الذي لا يدري ما يقول بسبب غضبه أو عصبيته: لا يقع، وأما إن كان غضبه لم يؤثر على عقله، وكان يدري ما يقول فإن طلاقه يقع، وقد سبق بيان القول في طلاق الغضبان في أجوبة الأسئلة (٤٥١٧٤) و (٢٢٠٣٤) .
ثانياً:
يملك الزوج رجعة زوجته ولا يشترط رضاها بذلك، على أن يكون إرجاعها في عدة الطلقة الأولى أو الثانية؛ لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة/٢٢٨.
وفي هذه الآية تنبيه للزوج على شروط الرجعة، وهي:
١. أن يكون في طلاق، فإن كان في فسخٍ للنكاح فلا رجعة له عليها، لقوله تعالى: (والمطلقات) .
٢. أن يكون الطلاق رجعيّاً، ولا يكون كذلك إلا إن كانت الطلقة أولى أو ثانية، وقوله تعالى (الطلاق مرتان) يعني: الذي يحصل به الرجعة، فإن وقعت الطلقة الثالثة فلا رجعة له عليها إلا أن تنكح زوجاً آخر , نكاحَ رغبة , ويفارقها فراقاً حقيقيّاً بعد الدخول.
٣. أن تكون في العدة لقوله: (أحق بردهن في ذلك) أي: العدة، فإن انتهت العدة وأراد إرجاعها لم يمكنه ذلك إلا بعقد ومهر جديدين.
٤. أن لا يقصد برجعتها الإضرار بها، بل يقصد إرجاعها للإصلاح , لقوله تعالى: (إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) البقرة/٢٢٨؛ فإن كان يريد الإضرار بها. فعليها أن تثبت ذلك للقاضي الشرعي حتى يحكم بما يظهر له.
والآية دليل واضح على أنه لا خيار للزوجة في الرجعة إن اختار زوجها إرجاعها، وليس لها أن تمتنع من الرجعة، لقوله تعالى: (وبعولتهن أحق بردتهن) ، وحتى لو لم ترجع لبيته فإنه إن أرجعها وأشهد على ذلك وقعت الرجعة.
ثالثاً:
والعدة التي يملك فيها الزوج الرجعة هي " ثلاثة قروء " أي: خلال ثلاث حيضات عند جمهور أهل العلم، أو قبل وضع حملها إن كانت حاملاً.
وعليه: فما جاء في السؤال أنه أراد إرجاعها بعد أسبوعين موافق لكون إرجاعه لها في العدة، إلا أن تكون حاملاً ووضعت حملها قبل إرجاعه لها.
رابعاً:
ولا يقع الطلاق لمجرد الابتعاد عن الزوج ووقوع الهجر، وقد سبق جواب السؤال رقم (١١٦٨١) بيان أن طول غياب الزوج لا يعد طلاقاً إلا بطلاق الزوج أو القاضي.
خامساً:
ويجب على الزوج المعدد أن يتقي الله تعالى في نسائه، وأن يقوم بالعدل الذي أوجبه الله عليه، ولمعرفة الواجب في العدل بين الزوجات: ينظر جواب السؤال رقم (١٠٠٩١) و (١٣٧٤٠) .
سادساً:
وهجر الرجل زوجته من غير سبب شرعي حرام، فإذا كان الهجر لإصلاح حالها لتفعل واجباً تركته، أو تترك إثماً فعلتْه: جاز له هجرها.
ولا شك أن هجر الرجل لامرأته هذه المدة الطويلة (سنة) يدل على استفحال المشكلة، وأنهما لا يستطيعان حلها , وفي هذه الحالة أمر الله تعالى بإرسال حكمين: أحدهما من أهله , والأخر من أهلها , لينظرا في الأمر ويحكما بما يريان في المصلحة للزوجين ودفع الضرر عن المتضرر منهما.
قال الله تعالى:) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) النساء/٣٥.
وعلى الزوج أن يعلم أنه مأمور بأحد أمرين:
إما أن يمسك امرأته ويحسن إليها ويعاشرها بالمعروف , وإما أن يطلقها بإحسان ويعطيها حقها ولا يظلمها , قال تعالى:) فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة/٢٢٩.
ولزيادة البيان: ينظر جواب السؤالين: (٤٥٦٠٠) (١١٩٧١) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب