للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث مبادرة الملائكة لكتابة الذكر عند الاعتدال من الركوع حديث صحيح

[السُّؤَالُ]

ـ[انتشر في المنتديات حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، أنه صلى الله عليه وسلم سمع عند اعتداله من الركوع رجلا يقول: ربنا ولك الحمد والشكر حمداً كثيرا طيباً مباركاً فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. فقال صلى الله عليه وسلم: رأيت ثلاثين ملكا يجرون كل واحد منهم يريد كتابتها له قبل الآخر. هل هذا الحديث صحيح عن الرسول عليه الصلاة والسلام؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضيلة هذا الذكر بعد الاعتدال من الركوع حديث عظيم، وهو ما جاء عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ:

(كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُُ)

رواه البخاري (٧٩٩) .

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله:

" قوله: (أول) روي على وجهين: بضم اللام وفتحها. فالضم على أنه صفة لأي.

و (البِضع) : ما بين الثلاث إلى التسع، في الأشهر، وقال أبو عبيدة: ما بين الثلاث إلى الخمس. وقيل غير ذلك ...

وقد دل الحديث على فضل هذا الذكر في الصلاة، وأن المأموم يشرع له الزيادة على التحميد بالثناء على الله عز وجل، كما هو قول الشافعي وأحمد - في رواية -.

وأن مثل هذا الذكر حسنٌ في الاعتدال من الركوع في الصلوات المفروضات؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم إنما كانوا يصلون وراء النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات المفروضة غالباً، وإنما كانوا يصلون وراءه التطوع قليلا.

وفيه - أيضاً -: دليل على أن جهر المأموم أحيانا وراء الإمام بشيء من الذكر غير مكروه، كما أن جهر الإمام أحياناً ببعض القراءة في صلاة النهار غير مكروه " انتهى.

" فتح الباري " لابن رجب (٥/٨٠-٨١)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" قوله: (مباركا فيه) زاد رفاعة بن يحيى: (مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى) ، فأما قوله: (مباركا عليه) فيحتمل أن يكون تأكيدا، وهو الظاهر، وقيل الأول بمعنى الزيادة والثاني بمعنى البقاء ...

وأما قوله: (كما يحب ربنا ويرضى) ففيه من حسن التفويض إلى الله تعالى ما هو الغاية في القصد.

والظاهر أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة، ويؤيده ما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا: (إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر) الحديث.

واستدل به على أن بعض الطاعات قد يكتبها غير الحفظة، والحكمة في سؤاله صلى الله عليه وسلم له عمن قال، أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله. " انتهى.

" فتح الباري " (٢/٢٨٦-٢٨٧))

ثانيا:

أما لفظ (ربنا لك الحمد والشكر) فلم يثبت في أي من روايات الحديث السابقة، وإن كانت زيادتها من غير اعتيادها مع عدم نسبتها للشرع جائزة، ولكن الأولى الاقتصار على الوارد.

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال الآتي:

" رجل عندما يرفع من الركوع يقول: ربنا ولك الحمد والشكر، وهل كلمة الشكر صحيحة؟ فأجاب:

لم تَرِد، لكن لا يضر قولها: الحمد والشكر لله وحده سبحانه وتعالى، ولكن هو من باب عطف المعنى، وإن الحمد معناه الشكر والثناء، فالأفضل أن يقول ربنا ولك الحمد، ويكفي ولا يزيد والشكر، ويقول: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، وإن زاد الشكر لا يضره، ويعلم أنه غير مشروع " انتهى.

" مجموع فتاوى ابن باز " (٢٩/٢٨٦)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>