والأصل في الأمر الوجوب حتى يقوم دليل على صرفه عن الوجوب، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعروة بن مضرس رضي الله عنه وقد اجتمع به في صلاة الفجر يوم مزدلفة فقال: يا رسول الله، إني أتعبت نفسي وأكللت راحلتي، وما تركت جبلاً إلا وقفت عنده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه، وقضى تفثه) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، والترخيص يدل على أن الأصل العزيمة والوجوب، بل إن بعض أهل العلم ذهب إلى أن الوقوف بمزدلفة ركن من أركان الحج، لأن الله تعالى أمر به في قوله:(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ) البقرة/١٩٨.
والنبي صلى الله عليه وسلم حافظ عليه، وقال:(وقفت هاهنا وجَمْع ـ أي مزدلفة ـ كلها موقف) رواه مسلم. ولكن القول الوسط من أقوال أهل العلم أن المبيت بها واجب وليس بركن، ولا بسنة " انتهى.