عمل الصالحات مع التهاون بالصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في سنوات ماضية غير منتظمة في أداء الصلاة فأصلي لأيام ثم أنقطع لأيام وأعود ثانية وكنت أكثر من الصدقات ابتغاء مرضاة الله وأصل رحمي ولا أبتغي غير وجه الله فهل ما قمت به مردود علي لعدم إتمام صلاتي أم قد يتقبله الله إن شاء سبحانه وتعالى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التهاون في فعل الصلاة جرم عظيم، وتفريط بالغ في هذه الشعيرة التي هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد توعد الله المتهاونين في أمر الصلاة المضيعين لها عن أوقاتها، بقوله:) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) مريم /٥٩، ٦٠
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى تكفير من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر، فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم، والمحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها، مع الإكثار من النوافل رجاء أن يعفو الله عنك وأن يتقبل منك.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ٦/٥٠
السؤال: قبل أربع سنوات كنا في رحلة ترفيهية وأثناء هذه الرحلة تركت صلاة (إما صلاة الظهر أو العصر) لا أتذكر الآن، علماً بأنني تركتها تهاوناً وتكاسلاً مني، وأنا الآن نادم على ما ارتكبته من ذنب فأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة، فماذا يجب علي وهل علي كفارة؟
فأجابت اللجنة الدائمة:
عليك أن تتوب إلى الله توبة صادقة ولا قضاء عليك، لأن ترك الصلاة المفروضة عمداً كفر أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» وقوله صلى الله عليه وسلم: " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " أخرجه مسلم في صحيحه ولا كفارة في ذلك سوى التوبة النصوح. انتهى
ثانياً:
الكافر لا ينفعه عند الله ما عمله من أعمال صالحة، إلا إذا أسلم فإنه ينتفع بعمله الصالح ويكتب له ثوابه كما هو ظاهر ما في الصحيحين عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ" رواه البخاري ١٤٣٦ ومسلم ١٢٣.
أتحنث: أي أتعبد
قال النووي رحمه الله:
ذَهَبَ اِبْن بَطَّالٍ وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْحَدِيث عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِر وَمَاتَ عَلَى الإِسْلَام يُثَاب عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْخَيْر فِي حَال الْكُفْر , وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِر فَحَسُنَ إِسْلامُهُ كَتَبَ اللَّه تَعَالَى لَهُ كُلّ حَسَنَة زَلَفهَا , وَمَحَا عَنْهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْف , وَالسَّيِّئَة بِمِثْلِهَا إِلا أَنْ يَتَجَاوَز اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) ذَكَرَهُ الدَّارَ قُطْنِيُّ فِي غَرِيب حَدِيث مَالِك , وَرَوَاهُ عَنْهُ مِنْ تِسْع طُرُق , وَثَبَتَ فِيهَا كُلّهَا أَنَّ الْكَافِر إِذَا حَسُنَ إِسْلامه يُكْتَب لَهُ فِي الإِسْلام كُلّ حَسَنَة عَمِلَهَا فِي الشِّرْك.
قَالَ اِبْن بَطَّال رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى بَعْد ذِكْره الْحَدِيث: وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَفَضَّل عَلَى عِبَاده بِمَا شَاءَ لا اِعْتِرَاض لِأَحَدٍ عَلَيْهِ قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَكِيمِ بْن حِزَام رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: " أَسْلَمْت عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْر ". وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَمَّا قَوْل الْفُقَهَاء: (لا يَصِحّ مِنْ الْكَافِر عِبَادَة , وَلَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُعْتَدّ بِهَا) : فَمُرَادهمْ أَنَّهُ لا يُعْتَدّ لَهُ بِهَا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا , وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّض لِثَوَابِ الآخِرَة. فَإِنْ أَقْدَمَ قَائِل عَلَى التَّصْرِيح بِأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ لا يُثَاب عَلَيْهَا فِي الآخِرَة رُدَّ قَوْله بِهَذِهِ السُّنَّة الصَّحِيحَة اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب