القصاص بين البهائم يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن هناك قصاصاً بين الحيوانات يوم القيامة، فهل هذا صحيح؟ وإذا كان صحيحاً فكيف يحصل لها ذلك وهي غير مكلفة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي له شواهد وطرق كثيرة - قوله: (يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله: كونوا تراباً، فعند ذلك يقول الكافر: " يا ليتني كنت تراباً ".
صححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم ١٩٦٦
ومن الطرق التي ذكرها للحديث:
- (يقتص الخلق بعضهم من بعض، حتى الجماء من القرناء، وحتى الذّرة من الذرة)
- عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً، وشاتان تقترنان، فنطحت إحداهما الأخرى فأجهضتها، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: ما يضحكك يا رسول الله! قال: " عجبت لها، والذي نفسي بيده، ليقادنّ لها يوم القيامة "
- (يا أبا ذر! هل تدري فيم تنتطحان؟ قال: لا، قال: لكن الله يدري، وسيقضي بينهما)
قال النووي في شرح مسلم تحت حديث الترجمة:
(هذا تصريح بحشر البهائم يوم القيامة، وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين، وكما يعاد الأطفال والمجانين، ومن لم تبلغه الدعوة، وعلى هذا تظاهرت دلائل القرآن والسنة، قال الله تعالى: (وإذا الوحوش حشرت) ، وإذا ورد لفظ الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع، وجب حمله على ظاهره، قال العلماء: وليس من شرط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة والعقاب والثواب، وأما القصاص من القرناء للجلحاء فليس هو من قصاص التكليف، إذ لا تكليف عليها، بل هو قصاص مقابلة، و (الجلحاء) بالمد هي الجماء التي لا قرن لها، والله أعلم. انتهى.
ونقل عنه العلامة الشيخ علي القاري في المرقاة (٤/٧٦١) أنه قال:
(فإن قيل: الشاة غير مكلفة، فكيف يقتص منها؟ قلنا: إن الله تعالى فعال لما يريد، ولا يسأل عما يفعل، والغرض منه إعلام العباد أن الحقوق لا تضيع، بل يقتص حق المظلوم من الظالم) .
قال القاري: (وهو وجه حسن وتوجيه مستحسن ... ، وجملة الأمر أن القضية دالة بطريق المبالغة على كمال العدالة بين كافة المكلفين، فإنه إذا كان هذا حال الحيوانات الخارجة عن التكليف، فكيف بذوي العقول من الوضيع والشريف، والقوي والضعيف؟)
انظر السلسلة الصحيحة ص ٦١٢.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد