للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والده يرغب بالزواج بعد وفاة أمه فهل يؤيده مع أنه شاب يريد الزواج أيضا؟

[السُّؤَالُ]

ـ[توفيت أمي منذ شهر، ولقد جاء إلى مسامعي أخبار - وهو ما لم يكن جيِّداً من ناحيتي، لكنه حدث - عن عزم والدي على الزواج، رغم أنه تجاوز الستين عاماً، رغم أنني ما زلت أنا - ولده – عزباً، في بادئ الأمر تأثرت من داخلي جدّاً بتلك الأخبار، لكني قرأت مؤخراً عدة مقالات، وتوصلت إلى أنه ليس هناك خطأ في فعل ذلك؛ حيث إن في الإسلام سعة لزواجه لأسباب عديدة، ومشكلتي هي أن والدي يريد رأيي في ذلك الأمر، فكيف يكون ردة فعلي وإخباري له برأيي الحقيقي؟ وهل يمكن أن لا أشارك في هذا الأمر؟ حيث أفهم أن التعدد مباح في الإسلام إلا أني أشعر بالحزن نحو أمي، وفضلاً على ذلك أجد من الصعوبة المشاركة في قرار زواجه.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الواجب على الآباء الالتفات لحاجة أولادهم – ذكوراً وإناثاً – للزواج، وعدم التفريط في تمكينهم منه، والإعانة عليه، وإنه لمن المؤسف أن نرى اهتمام الآباء منصبّاً على توفير الطعام، والشراب، واللباس، والتعليم، ويغفلون عن حاجتهم للزواج.

لذا نوصي الآباء بأن يتنبهوا لهذا الأمر، وأن يولوه عنايتهم، ولا يستهينوا بحاجة أولادهم للزواج.

ولا ينبغي للآباء انتظار طلب الزواج من أولادهم؛ فإن هذا قد يكون محرجاً لهم، وخاصة الإناث، بل عليهم أن يبادروا هم بعرض الأمر عليهم، بل وحثهم عليه، على أن تتولى الأم ذلك مع بناتها.

وقد بينا في جواب السؤال رقم (٨٣١٩١) أنه يجب على الآباء أن يزوجوا أولادهم، فلينظر.

ثانياً:

كما أن الحاجة للزواج تكون من الشباب: فإنها تكون كذلك من الكبار، فليس هناك ما يمنع الآباء ولو كانوا كباراً في السن من التزوج، ولا يشترط أن تكون الحاجة للزواج من أجل الشهوة فقط، بل قد يحتاج الكبير للرعاية، والعناية، والخدمة، ما لا يقوم به إلا زوجته.

فتنبه لذلك أخي السائل، واعلم أنه ليس هناك ما يعيب والدك إن طلب التزوج، بل إن هذا مما يُمدح عليه، ولولا حاجته للتزوج لم يطلبه، وغالب الآباء يتفرق عنهم أولادهم بعد حين، وكل واحد منهم يعيش حياته مع أسرته، ويبقى ذلك الأب المسكين وحده يتجرع مرارة الوحدة، ويذوق مرَّ العزلة، مع كبر سنه، وعجزه عن خدمة نفسه بنفسه، فيحتاج في هذه السن المتقدمة إلى من يخدمه ويؤنسه، وقد أباح الله ما يرفع ذلك عنه، ويُبقي له كرامته التي تضيع في كثير من الأحيان، بتركه من غير طعام، ولا عناية، ولا أنس.

وكما يجب على الآباء تزويج أولادهم، وعدم انتظار طلبهم ذلك: فكذلك على الأولاد تزويج والديهم، وعدم انتظار طلب ذلك، وقد يكون الإحراج من الوالدين أعظم منه من الأبناء، فليكن الأبناء على دراية بهذا، وليحسبوا حسابه، وموت أحد الوالدين من مدة قريبة لا ينبغي أن يكون سبباً للمنع من التزوج، أو التهوين من شأنه، فعجلة الحياة دائرة، ولن يوقفها موت أحد.

وفي الإحالة السابقة على جواب السؤال (٨٣١٩١) تجد بيان وجوب تزويج الأبناء لآبائهم إن احتاجوا ذلك، فلينظر.

والذي عليك فعله مع والدك:

١. الثناء عليه وتصويب فعله في عزمه على الزواج، لأن كثيرا من الآباء يتخوفون من رفض أولادهم هذا الزواج مما يتسبب في فساد العلاقة بينهم. ولهذا السبب طلب والدك رأيك في هذا الأمر، فلابد أن تظهر له الموافقة حتى يتشجع على هذا.

٢. الوصية له باختيار ذات الدين، والعقل؛ لتتناسب مع سنِّه، وحاله.

٣. أن تعينَه بما تستطيع ماديّاً، ومعنويّاً.

٤. أن تُخبره حاجتك للزواج دون تردد، ولا خوف، وتختار الوقت المناسب، وقد يكون من المناسب تأخير ذلك حتى يتزوج هو.

وانظر – للأهمية – جواب السؤال رقم: (١٠٢٠٣٠) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>