للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا صالحت أختها ولم تقبل فهل يتقبل الله عملها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أختي لا تكلمني بعد شجار كانت هي الغلطانة علي مع ذلك أنا كلمتها وسلمت عليها فردت علي: أنا لا أريد أن أكلمك. هل أنا أعمالي لا تقبل؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا لم تكن الشحناء بسببك، وسعيت للصلة والوصل، وكان الصدّ من جهتها، فلا شيء عليك، وينبغي أن تستمري في الصلة والإحسان ما أمكنك، وسلي الله تعالى أن يؤلف بينكما وأن يقيكما نزغات الشيطان.

وقد روى مسلم (٢٥٦٥) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا) وهذا حديث عظيم يبين خطر القطيعة والشحناء، وأنها من موانع المغفرة.

قال ابن رسلان: " ويظهر أنه لو صالح أحدُهما الآخر فلم يقبل غفر للمصالِح " انتهى نقلا عن شرح الزرقاني على الموطأ (٤/٣٣٥) .

وروى البخاري (٦٢٣٧) ومسلم (٢٥٦١) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ) .

قال ابن عبد البر: " واختلفوا في المتهاجرَيْن يسلم أحدهما على صاحبه أيخرجه ذلك من الهجرة أم لا؟ فروى ابن وهب عن مالك أنه قال: إذا سلم عليه فقد قطع الهجرة، وكأنه والله أعلم أخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) .

وقال أبو بكر الأثرم قلت لأحمد بن حنبل: إذا سلم عليه هل يجزيه ذلك من كلامه إياه؟ فقال: ينظر في ذلك إلى ما كان عليه قبل أن يهجره فإن كان قد علم منه مكالمته والإقبال عليه فلا يخرجه من الهجرة إلا سلام ليس معه إعراض ولا إدبار.

وقد روى هذا المعنى عن مالك، قيل لمالك: الرجل يهجر أخاه ثم يبدو له فيسلم عليه من غير أن يكلمه؟ فقال: إن لم يكن مؤذيا له لم يخرج من الشحناء حتى يكلمه ويسقط ما كان من هجرانه إياه " انتهى من "التمهيد" (٦/١٢٧) .

وقال النووي في شرح مسلم: " (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) : أي هو أفضلهما، وفيه دليل لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجرة ويرفع الإثم فيها ويزيله. وقال أحمد وابن القاسم المالكي: إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجرته " انتهى.

والحاصل أن سلامك وكلامك مع أختك، يرفع عنك إثم الهجر والقطيعة. ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>