للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صفة جلد الزاني غير المحصن

[السُّؤَالُ]

ـ[حد الزنى لغير المحصن ١٠٠ جلدة كما ورد في الآية، وحتى يتم تطبيق هذه العقوبة فيجب أن تتوفر عدة شروط فرضها الله، منها أن يكون هناك أربعة شهود رجال عدول على الواقعة، والاعتراف يلغي الحاجة للشهود.

١- بعد ١٠٠ جلدة، إذا كان الشخص عادياً وليس قوياً جداً فهل يبقى على قيد الحياة؟

٢- كم ستكون قوة هذه الجلدات؟ وهل هناك قوة متعارف عليها في الجلد؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الجلد في الحدود لا يراد منه القتل، وإنما يراد به التأديب والزجر وتطهير المحدود من الذنب، ولذلك نبه كثير من الفقهاء على أنه يكون ضربا متوسطا، لا يرفع الضارب فيه يده بحيث يبدو إبطه، ولا يستعمل سوطا جديدا، ولا يُجرد المجلود من ثيابه إلا ما كان كالفرو فإنه ينزع منه، ويجلد المحدود قائما عند جمهور العلماء، ولا يمد ولا يربط، ويُتقى ضربه في وجهه ورأسه وفرجه.

قال ابن قدامة رحمه الله: (فإن الضرب يفرق على جميع جسده ; ليأخذ كل عضو منه حصته , ويكثر منه في مواضع اللحم , كالأليتين والفخذين , ويتقي المقاتل , وهي الرأس والوجه والفرج , من الرجل والمرأة جميعا)

وقال عن المحدود: إنه لا يمد , ولا يربط. ولا نعلم عنهم في هذا خلافا.

قال ابن مسعود: ليس في ديننا مد , ولا قيد , ولا تجريد. وجلد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينقل عن أحد منهم مد ولا قيد ولا تجريد.

ولا تنزع عنه ثيابه , بل يكون عليه الثوب والثوبان. وإن كان عليه فرو أو جبة محشوة , نزعت عنه ; لأنه لو ترك عليه ذلك لم يبال بالضرب. قال أحمد: لو تركت عليه ثياب الشتاء ما بالى بالضرب. وقال مالك: يجرد ; لأن الأمر بجلده يقتضي مباشرة جسمه. ولنا قول ابن مسعود , ولم نعلم عن أحد من الصحابة خلافه، والله تعالى لم يأمر بتجريده , إنما أمر بجلده , ومن جلد من فوق الثوب فقد جلد) .

وقال: (إذا ثبت هذا , فإن السوط يكون وسطا , لا جديدا فيجرح , ولا خَلَقاً (أي: بالياً قديماً) فيقل ألمه ; لما روي أن رجلا اعترف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا , فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط , فأتي بسوط مكسور , فقال: فوق هذا. فأتي بسوط جديد لم تكسر ثمرته. فقال: بين هذين. رواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلا. وروي عن أبي هريرة مسندا.

وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: ضرب بين ضربين , وسوط بين سوطين وهكذا الضرب يكون وسطا , لا شديد فيقتل , ولا ضعيف فلا يردع. ولا يرفع باعه كل الرفع , ولا يحطه فلا يؤلم. قال أحمد: لا يبدي إبطه في شيء من الحدود. يعني: لا يبالغ في رفع يده , فإن المقصود أدبه , لا قتله)

انتهى من المغني ٩/١٤١- ١٤٢

ومما سبق يتبين أن الشخص العادي لا يقتله الجلد غالبا، وأن المطلوب هو الزجر والتأديب، وشهود المؤمنين لهذه العقوبة، كما قال سبحانه: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور / ٢

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>