موظف يتحرج من المشاركة في إنشاء فاتورة فيها قيمة التأمين على البضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة تستورد قطع غيار السيارات من ألمانيا، ووظيفتي تكمن في أنني أرسل عن طريق البريد الإلكتروني رسالة إلى الشركة الأجنبية أطلب فيها تزويدنا بعرض أسعار للبضائع المذكورة في الرسالة، ثم بعد ذلك: الشركة ترد علينا، فيقوم البائع باختيار البضائع ذات السعر المناسب، ثم أقوم بإرسال رسالة أخرى أقوم فيها بتأكيد البضائع التي نريدها، لكن المشكلة - وهو المقصود بالسؤال -: أن الشركة عندما ترسل الفاتورة إلى صاحب العمل عن طريق البنك: فإنها تكون مشتملة إجمالي البضاعة، مضافاً إليه قيمة " تأمين بحري "، فهل أتحمَّل أنا إثماً في ذلك؟ . والحالة الثانية: أن بعض الشركات لا تضيف مبلغ تأمين، ولكنها ترسل رسالة تقول: إن الباخرة تصل في يوم كذا، وعليكم الاهتمام بموضوع التأمين، وبحكم عملي أقوم بإرسال الرسالة عن طريق الفاكس إلى صاحب العمل في مكتبه. والحالة الثالثة: بعض الشركات لكي تعتمد الطلبية تطلب توقيع المندوب على صورة الطلبية وإرساله بالفاكس، فأقوم أنا بالتوقيع - بعد موافقة صاحب العمل - مع العلم أن إجمالي الفاتورة مضافاً إليه قيمة التأمين، فهل عليَّ إثم في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عقود التأمين التجاري من العقود المحرَّمة؛ لما فيها من الغرر؛ والربا، والميسر، ولذا فلا يجوز لأحدٍ أن يؤمن على الحياة، أو على السيارة، أو ضد السرقة، أو الحريق، أو التلف، وغيرها من الأنواع الكثيرة.
وفي كثير من الأحيان تُلزِم الدولُ الشركات والمؤسسات والأفراد بإبرام عقود تأمين على السيارات، أو ضد التلف والفقدان، وما كان كذلك: فهو داخل في الإكراه، ولا إثم على من فعله، وإنما يبوء بإثم تلك العقود من ألزمهم بها.
وحتى تكون ذمة المؤمِّن سالمة من الإثم فإن عليه أن يختار الحد الأدنى من تلك العقود من حيث الرسوم والمنافع، وهذا طبيعة الأفعال المكره عليها، فلا يجوز – مثلاً – اختيار " التأمين الشامل " مع إمكانية اختيار " التأمين ضد الغير "، ومن المعلوم أن رسوم الأول أكثر من الثاني، ومنافعه كذلك أكثر.
وعليه نقول:
إذا كانت الدولة عندكم تلزمكم بالتأمين على البضائع المستوردة، أو دول الشركات المصدِّرة لكم تلزمهم بالتأمين: فلا حرج عليك من تقديم الفاتورة الإجمالية بما فيها قيمة التأمين لمدير الشركة، أو التوقيع عليها؛ وذلك لأنه أمر محتَّم عليكم، أو عليهم.
وإذا لم تكونوا ملزمين بالتأمين لا من دولتكم، ولا الطرف المصدِّر من دولتهم: فإن القيام بالتأمين في هذه الحال محرَّم، سواء كنتم أنتم من فعل أو هم، وعليه: فلا يجوز لك المساهمة في كتابة أو توصيل الفاتورة المشتملة على قيمة التأمين، ويكون ذلك من التعاون على الإثم والعدوان.
ونسأل الله أن يغنيك من فضله، وأن يوفقك لما فيه رضاه، وسؤالك هذا يدل – إن شاء الله – على ورع، وهو أمرٌ قلَّ نظيره إلا عند من رحم الله.