هل لإتيان المرأة في الدبر كفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة جماع الزوجة من دبرها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
جماع الزوجة في الدبر حرام، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن فاعله ملعون.
وقد سبق ذكر الأدلة من الكتاب والسنة على تحريمه وبيان شيء من مفاسده في جواب السؤال (١١٠٣) و (٦٧٩٢) .
ولم يجعل الشرع لهذا الفعل المحرم كفارة، فلا تكفره إلا التوبة والندم، والرجوع إلى الله.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما حكم وطء المرأة في الدبر؟ وهل على من فعل ذلك كفارة؟
فأجاب:
" وطء المرأة في الدبر من كبائر الذنوب، ومن أقبح المعاصي، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا) رواه أبو داود (٢١٦٢) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلا أَوْ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ) رواه الترمذي (١١٦٦) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
والواجب على من فعل ذلك البدار بالتوبة النصوح، وهي الإقلاع عن الذنب، وتركه تعظيما لله، وحذرا من عقابه، والندم على ما قد وقع فيه من ذلك، والعزيمة الصادقة على ألا يعود إلى ذلك، مع الاجتهاد في الأعمال الصالحة، ومن تاب توبة صادقة تاب الله عليه وغفر ذنبه
كما قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/٧٢.
وقال عز وجل: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الفرقان/٦٨-٧٠. . . . .
وليس على من وطئ في الدبر كفارة في أصح قولي العلماء، ولا تحرم عليه زوجته بذلك، بل هي باقية في عصمته، وليس لها أن تطيعه في هذا المنكر العظيم، بل يجب عليها الامتناع من ذلك، والمطالبة بفسخ نكاحها منه إن لم يتب، نسأل الله العافية من ذلك" انتهى باختصار يسير من "فتاوى إسلامية" (٣/٢٥٦) .
وقال البهوتي رحمه الله:
" فإن فعل (أي وطئها في الدبر) عُزِّرْ (أي عاقبه الحاكم العقوبة التي تردعه وأمثاله) ، لارتكابه معصية لا حد فيها ولا كفارة " انتهى من "كشاف القناع" (٥/١٩٠) .
فصَرَّح بأنها معصية، ولا كفارة فيها.
وانظر: "أسنى المطالب" (٤/١٦٢) ، "مغني المحتاج" (٥/٦٢٤) .
ثانيا:
يخطئ كثير من الناس حين يظن أن عدم إيجاب الكفارة على الذنب المعين يعني أن أمره هين، وأنه من الصغائر، وهذا الظن ليس بصواب، بل لو قيل: إن الوطء في الدبر لم يجعل الله فيه كفارة لأنه أعظم من أن تكفره كفارة لم يكن بعيداً، كما قال الإمام مالك رحمه الله في اليمين الغموس: " الْغَمُوسُ: الْحَلِفُ عَلَى تَعَمُّدِ الْكَذِبِ. . . وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُكَفِّرَهُ الْكَفَّارَةُ " انتهى باختصار من "التاج والإكليل" (٤/٤٠٦) ، ونحوه في "المدونة" (١/٥٧٧) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب