هل الأفضل أن نقول في الصلاة سيدنا محمد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل أن نقول في التشهد في الصلاة: أشهد أن سيدنا محمداً رسول الله، واللهم صل على سيدنا محمد؟ أم نقول محمد فقط بدون سيدنا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالسيادة وصف صحيح، فهو صلى الله عليه وسلم سيدنا، بل سيد البشر أجمعين، روى مسلم (٢٢٧٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . وروى الترمذي (٣٦١٥) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ) صححه الألباني في صحيح الترمذي.
ثانياً:
يجب أن يُعلم أن العبادات مبناها على الاتباع، فلا يزاد في العبادة شيء على ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من علامات محبة العبد لله عز وجل، قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) آل عمران /٣١.
والاتباع أن تفعل كما فعل، وتقول كما قال، وتترك ما ترك، فلا تزيد عليه، ولا تنقص من فعله.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) رواه البخاري (٢٦٩٧) ومسلم (١٧١٨) .
والوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد في الصلاة: (وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) والوارد عنه في الصلاة عليه: (اللهم صل على محمد ... اللهم بارك على محمد) ولم يرد عنه قط أنه علَّمنا أن نقول (سيدنا) ، فلا يزاد على ما أمرنا به النبي صلى الله عليه وسلم، وعملنا إياه. فهذا هو الأفضل بلا شك، وكيف يكون الأفضل هو ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهو صلى الله عليه وسلم كان يقول في كل خطبة جمعة، ويعلنها على المنبر: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهدي هديُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم (٨٦٧) .
وقد سئل الحافظ ابن حجر رحمه الله: هل الأفضل أن يقال في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (سيدنا) لأنه وصف له، أم عدم ذلك لعدم وروده في الآثار؟
فأجاب:
" اتّباع الألفاظ المأثورة أرجح، ولا يُقال: لعلّه ترك ذلك تواضعاً منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمّتُه مندوبةٌ إلى أن تقول ذلك كلما ذكر، لأنا نقول: لو كان ذلك راجحاً لجاء عن الصّحابة ثم عن التابعين، ولم نقف في شيء من الآثار عن أحد من الصحابة ولا التابعين، أنه قال ذلك مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك. . .
ثم ذكر آثارا عن بعض الصحابة والتابعين والإمام الشافعي وليس فيها لفظ (سيدنا) . . . ثم قال:
والمسألة مشهورة في كتب الفقه، والغرض منها أن كل من ذكر هذه المسألة من الفقهاء قاطبة لم يقع في كلام أحد منهم (سيدنا) ، ولو كانت هذه الزيادة مندوبة ما خفيت عليهم كلهم حتى أغفلوها، والخير كله في الاتباع، والله أعلم " انتهى باختصار.
نقله عنه الألباني في كتابه "صفة الصلاة" (ص ١٥٣-١٥٥) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: هل يجوز أن نقول أثناء كلامنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيدنا محمد في غير المأثور عنه كالصلاة الإبراهيمية أو غير ذلك؟
فأجابوا:
" الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد لم يرد فيها - فيما نعلم - كلمة سيدنا أي: (اللهم صل على سيدنا محمد..إلخ) وهكذا صفة الأذان والإقامة، فلا يقال فيها سيدنا، لعدم ورود ذلك في الأحاديث الصحيحة التي علَّم فيها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه كيفية الصلاة عليه، وكيفية الأذان والإقامة، ولأن العبادات توقيفية فلا يزاد فيها ما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى، أما الإتيان بها في غير ذلك فلا بأس، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (٧/٦٥) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب